responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 66
الزَّمَانِ الِاعْتِمَادُ فِي جَوَازِ الْفِعْلِ عَلَى كَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا بِمَعْنَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فَإِنَّ لَهُ نَظَرًا آخَرَ حَتَّى كَانَ رَأَى قَوْمٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ زَمَانَنَا هَذَا فَضْلًا عَنْ زَمَانِنَا اتَّخَذُوا الرِّجَالَ دَرِيئَةً لِأَهْوَائِهِمْ وَأَهْوَاءِ مَنْ يَمِيلُونَ إلَيْهِ وَمَنْ رُغِّبَ إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ فَإِذَا عَرَفُوا غَرَضَ بَعْضِ هَؤُلَاءِ حُكْمًا أَوْ فُتْيَا أَوْ تَعَبُّدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بَحَثُوا عَنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا حَتَّى يَجِدُوا الْقَوْلَ الْمُوَافِقَ لِلسَّائِلِ وَأَفْتَوْا بِهِ زَاعِمِينَ أَنَّ الْحُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةٌ ثُمَّ مَا زَالَ هَذَا الْأَمْرُ يَسْتَطِيرُ فِي الْأَتْبَاعِ وَأَتْبَاعِهِمْ حَتَّى لَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَقُولُ كُلُّ مَسْأَلَةٍ ثَبَتَ فِيهَا لِأَحَدِ الْعُلَمَاءِ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ شَذَّ عَنْ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ جَائِزَةٌ قَالَ وَهَذَا الِاضْطِرَابُ كُلُّهُ مُسْتَنَدُهُ تَحْسِينُ الظَّنِّ بِأَعْمَالِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنْ جَاءَتْ الشَّرِيعَةُ بِخِلَافِهَا وَالْوُقُوفُ مَعَ الرِّجَالِ دُونَ التَّحَرِّي لِلْحَقِّ وَمِثْبَارُ ذَلِكَ التَّوَغُّلُ فِي التَّعْظِيمِ وَلَقَدْ حَكَى مُذَيِّلُ تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ عَنْ الْحَلَّاجِ أَنَّ أَصْحَابَهُ بَالَغُوا فِي التَّبَرُّكِ بِهِ حَتَّى كَانُوا يَتَمَسَّحُونَ بِبَوْلِهِ وَيَتَبَخَّرُونَ بِعَذِرَتِهِ حَتَّى ادَّعَوْا فِيهِ الْأُلُوهِيَّةَ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا انْتَهَى.
قُلْت وَمِثْلُ مَا حَكَى الْفَرْغَانِيُّ حَكَى الْخَطِيبُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ الرَّحَّالُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَرْزُوقٍ التِّلْمِسَانِيُّ فِي شَرْحِهِ لِعُمْدَةِ الْأَحْكَامِ قَالَ شَاهَدْت بِمِصْرَ بَعْضَ جَهَلَةِ الْعَوَامّ الْأَغْبِيَاءِ يَنْتِفُونَ شَعْرَ حِمَارِ شَيْخِنَا الْفَقِيهِ الْعَلَّامَةِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْبَهَارِسِ أَيَّامَ تَجَرُّدِهِ لِلْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ وَتَرْكِهِ الْإِفَادَةَ وَالتَّعْلِيمَ انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَيْضًا التَّصْمِيمُ عَلَى اتِّبَاعِ الْعَوَائِدِ وَإِنْ فَسَدَتْ أَوْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلْحَقِّ وَالِاتِّبَاعِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ وَالْأَشْيَاخُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ هُوَ التَّقْلِيدُ الْمَذْمُومُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 23] الْآيَةِ وَقَالَ {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف: 24] وَقَالَ {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} [الشعراء: 72] {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} [الشعراء: 73] فَنَبَّهَهُمْ عَلَى وَجْهِ الدَّلِيلِ الْوَاضِحِ فَاسْتَمْسَكُوا بِمُجَرَّدِ تَقْلِيدِ الْآبَاءِ فَقَالُوا {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 74] وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إيَّاكُمْ وَالِاسْتِئْثَارَ بِالرِّجَالِ فَإِنَّ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يَنْقَلِبُ لِعِلْمِ اللَّهِ فِيهِ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَنْقَلِبُ لِعِلْمِ اللَّهِ فِيهِ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَمُوتُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ كُنْتُمْ وَلَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَبِالْأَمْوَاتِ لَا بِالْأَحْيَاءِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَمَلِ أَحَدٍ أَلْبَتَّةَ حَتَّى يَتَثَبَّتَ فِيهِ وَيَسْأَلَ عَنْ حُكْمِهِ.

فَإِنْ قُلْت الِاخْتِلَافُ رَحْمَةٌ لِلتَّوَسُّعِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْوُقُوفِ مَعَ الْمَشْهُورِ أَوْ الْمُوَافِقِ لِلدَّلِيلِ أَوْ الرَّاجِحِ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ تَحْجِيرٌ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ وَمَيْلٌ بِالنَّاسِ إلَى الْحَرَجِ وَمَا جَعَلَ اللَّهُ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.
قُلْت قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَهَذَا خَطَأٌ كُلُّهُ وَجَهْلٌ بِمَا وَقَعَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست