responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 63
مَمْنُوعٌ، وَقِيلَ إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَى عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ فَالْأَوَّلُ مِنْ الْأَقْوَالِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي هُوَ مُخْتَارُهُ وَالثَّالِثُ مُخْتَارُ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالثَّانِي هُوَ الَّذِي عَضَّدَهُ الْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ، وَعَلَيْهِ بَنَى - حُجَّةُ الْإِسْلَامِ - الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْمَشْهُورِ أَوْ مَا رَجَّحَهُ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ مِنْ ضَعْفِ الْعِلْمِ وَقِلَّةِ الدِّينِ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَالتَّحْقِيقُ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلًا غَيْرَ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فَقَدْ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَهَلَكَ فِي بَيِّنَاتِ الطَّرِيقِ فَالْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ مُتَعَيِّنٌ عِنْدَ كُلِّ عَالِمٍ مُتَمَكِّنٍ.
وَإِذَا اطَّلَعَ الْمُقَلِّدُ عَلَى خِلَافٍ فِي مَسْأَلَةٍ تَخُصُّهُ وَفِيهَا قَوْلٌ رَاجِحٌ بِشُهْرَةٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يُفْتِي بِغَيْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ قَادِحَةٍ وَالْتِزَامِ مَفْسَدَةٍ وَاضِحَةٍ وَقَدْ اسْتَوْعَبْت الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي كِتَابِي الْمُسَمَّى بِمِنْهَاجِ الْبَرَاعَةِ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُفْتِينَ وَقَضَاءِ الْجَمَاعَةِ وَاَللَّهُ - جَلَّ جَلَالُهُ - الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَالْمُثِيبُ عَلَيْهِ بِحُسْنِ الثَّوَابِ وَكَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِكْرِيٍّ لَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ اهـ. مِنْ الْمِعْيَارِ وَنَصُّ السُّؤَالِ الْمُجَابِ بِهَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ مَسْأَلَةُ التَّقْلِيدِ الصَّرْفِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ التَّرْجِيحِ بَلْ مَعَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَقَاوِيلِ أَئِمَّةِ مَذْهَبِ إمَامِهِ وَمَعْرِفَةِ الْمَشْهُورِ مِنْهَا بِوَاسِطَةِ الشَّارِحِينَ وَالْمُتَأَوِّلِينَ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْمُقَلِّدَ تُعْرَضُ لَهُ مَسْأَلَةٌ تَخُصُّهُ فِي دِينِهِ أَوْ فِي بَعْضِ مُعَامَلَاتِهِ وَقَدْ حَفِظَ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ فِيهَا قَوْلَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَرُبَّمَا وَافَقَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلَ صَحَابِيٍّ وَعَلِمَ هَذَا الْمُقَلِّدُ الْمَشْهُورَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَ الْمَشْهُورِ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ يُفْتِي بِهِ بِقَصْدِ التَّوْسِعَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ السَّهْلَةِ» وَالْأَخْذُ بِالرُّخَصِ مَحْبُوبٌ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَفَرْضُ النَّازِلَةِ أَنَّ هَذَا الْمُقَلِّدَ لَمْ يَقْصِدْ تَتَبُّعَ رُخَصِ مَذْهَبِ إمَامِهِ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ تَنْزِلُ بِهِ بَلْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَازِلِ وَرُبَّمَا قَلَّدَ غَيْرَ الْمَشْهُورِ فِي وُقُوعِ نَازِلَتِهِ.

[كَيْفِيَّةَ التَّقْلِيدِ]
فَإِنْ قُلْتُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ لِهَذَا الْمُقَلِّدِ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ شَاءَ مِنْ عُلَمَاءِ مَذْهَبِ إمَامِهِ فَبَيِّنُوا لَنَا كَيْفِيَّةَ التَّقْلِيدِ وَهَلْ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ وَالتَّشَهِّي بِمَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى الْمُكَلَّفِ إذَا وَافَقَ غَرَضَهُ الْعِلْمُ وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ» وَيَشْهَدُ لَهُ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ ظَوَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ فِي تَفَارِيعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ مَنْ قَلَّدَ عَالِمًا فَقَدْ بَرِئَ مَعَ اللَّهِ وَقَوْلُهُمْ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةٌ
وَرُبَّمَا نَكَّتَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ حَجَّرْت وَاسِعًا إذَا جَرَى عَلَى الْمَشْهُورِ فِي جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِ وَقَوْلُهُمْ فِي الْخَصْمَيْنِ إذَا تَرَاضَيَا بِتَقْلِيدِ غَيْرِ الْمَشْهُورِ فَإِنَّ رِضَاهُمَا بِهِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَيَرْفَعُ رِضَاهُمَا الْخِلَافَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ بِالْكُلِّيَّةِ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست