responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 52
[عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ]
وَسُئِلَ أَيْضًا - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَمَّا يَقُولُهُ بَعْضُ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ لِمَذْهَبِ إمَامِ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى التَّحِيَّةِ فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ وَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مُقَلِّدًا وَهَلْ الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ يَحْتَجُّ بِعَمَلِهِمْ الصَّحَابَةُ أَوْ التَّابِعُونَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ الشَّرِيعَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ كَانَتْ تَتَجَدَّدُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَكَانَ يُنْسَخُ بَعْضُ أَحْكَامِهَا بِبَعْضٍ مُتَكَرِّرًا تَارَةً وَغَيْرَ مُتَكَرِّرٍ أُخْرَى وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ آخِرُ حَالَيْهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - وَالصَّحَابَةُ عَلَيْهِمْ الرِّضْوَانُ لَمْ يَكُونُوا بِحَالَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ مِنْهُمْ الْمُلَازِمُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْهَبُ وَيَعُودُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَعُودُ.
وَكَانَ بَعْضُهُمْ إذَا عَادَ وَذَكَرَ حُكْمًا يُقَالُ لَهُ إنَّكَ لَا تَدْرِي مَاذَا أَحْدَثَ بَعْدَك وَقَدْ تَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ وَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُمْ فِي بَلْدَةٍ مِثْلَ مَا اجْتَمَعَ فِي الْمَدِينَةِ الْمُعَظَّمَةِ فَقَدْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مَا لَا يُحْصَى وَمِنْهُمْ الْأَئِمَّةُ الْعَشَرَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمُبَالِغُ فِي ضَبْطِ أَحْوَالِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَزْوَاجُهُ الْكَرِيمَاتُ الطَّاهِرَاتُ وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ وَعَلَيْهِمْ مَدَارُ الْإِسْلَامِ وَهُمْ الْعَالِمُونَ بِآخِرِ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهُمْ الْمُلَازِمُونَ إلَى الْوَفَاةِ وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ صَحِيحٌ سَمِعَهُ مِنْ فَمِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّهُ رُبَّمَا كَانَ لَوْ ذَكَرَهُ لِهَؤُلَاءِ لَقِيلَ لَهُ إنَّك لَا تَدْرِي مَاذَا أَحْدَثَ بَعْدَكَ خُصُوصًا وَهَؤُلَاءِ هُمْ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَنَقْلُهُمْ مُتَوَاتِرٌ وَنَقْلُ غَيْرِهِمْ آحَادٌ وَالتَّابِعُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ هَدْيِهِمْ وَقَدْ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِمْ كَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمْ.
فَلِذَلِكَ رَجَعَ الْإِمَامُ إلَيْهِمْ وَاتِّفَاقُهُمْ عِنْدَهُ إجْمَاعٌ وَالرُّجُوعُ لِلْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِجَاجُ بِهِ لَيْسَ تَقْلِيدًا بَلْ هُوَ عَيْنُ الِاجْتِهَادِ، وَهَذَا بَدِيهِيٌّ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى مَعْرِفَةِ تَلَقِّي الصَّحَابَةِ لَهَا كَيْفَ تَلَقَّوْهَا مِنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - فَإِنَّهُمْ أَعْرَفُ بِالْمَقَالِ وَأَقْعَدُ بِالْحَالِ انْتَهَى.
وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَعْلَى وَأَكْثَرُ وَأَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يَكُونُ الرُّجُوعُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ إلَّا إلَيْهِمْ فَإِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ وَعَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ فَلَا يَخْلُو الْحَالُ إمَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا بِالْجَهْلِ وَهَذَا مِمَّا يَسْتَحِي الْعَاقِلُ أَنْ يَتَفَوَّهَ بِهِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ وَسُوءُ الظَّنِّ فُسُوقٌ وَإِمَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ بِتَعَمُّدِ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالتَّلَاعُبِ وَهَذَا أَدْهَى وَأَمَرُّ وَإِمَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَأَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا الْحَدِيثَ لِأَمْرٍ قَوِيٍّ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست