responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 376
عَنْ الْفِرَارِ بِدِينِهِ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ سَبِيلًا إلَيْهِ وَلَا ظَهَرَتْ لَهُ حِيلَةٌ وَلَا قُدْرَةٌ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ وَلَا حَالٍ وَكَانَ بِمَثَابَةِ الْمُقْعَدِ وَالْمَأْسُورِ وَكَانَ مَرِيضًا جِدًّا، أَوْ ضَعِيفًا فَحِينَئِذٍ يُرْجَى لَهُ الْعَفْوُ وَيَصِيرُ بِمَثَابَةِ الْمُكْرَهِ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالْكُفْرِ وَمَعَ هَذَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ قَائِمَةٌ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ وَتَمَكَّنَ لَهَاجَرَ وَعَزَمَ مُسْتَصْعِبٌ أَنَّهُ إنْ ظَفِرَ بِحِيلَةٍ وَقْتًا مَا فَيُهَاجِرُ.
وَأَمَّا الْمُسْتَطِيعُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَبِأَيِّ حِيلَةٍ تَمَكَّنَتْ فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ إنْ أَقَامَ حَسْبَمَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1] إلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: 1] .
وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118] ، وَقَالَ تَعَالَى {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28]
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود: 113] وَقَالَ تَعَالَى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا - الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 138 - 139] إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] ، وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]
وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57] {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58] وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56] ، وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} [النساء: 98] {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99]
وَقَالَ تَعَالَى {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ - وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 80 - 81] .
وَالظَّالِمِي أَنْفُسِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ إنَّمَا هُمْ التَّارِكُونَ لِلْهِجْرَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا حَسْبَمَا تَضْمَنَّهُ قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97] فَظُلْمُهُمْ أَنْفُسَهُمْ إنَّمَا كَانَ بِتَرْكِهَا، وَهَذِهِ الْإِقَامَةُ مَعَ الْكُفَّارِ وَتَكْثِيرُ سَوَادِهِمْ وقَوْله تَعَالَى {تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} [النساء: 97] فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْمُوَبَّخَ عَلَى ذَلِكَ وَالْمُعَاقَبُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مَنْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى هَذِهِ الْإِقَامَةِ، وَأَنَّ مَنْ تَابَ عَنْ ذَلِكَ وَهَاجَرَ وَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، وَلَوْ بِالطَّرِيقِ فَتَوَفَّاهُ الْمَلَكُ خَارِجًا عَنْهُمْ يُرْجِي قَبُولَ تَوْبَتِهِ وَلَا يَمُوتُ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 100] فَهَذِهِ الْآيُ الْقُرْآنِيَّةُ كُلُّهَا، أَوْ أَكْثَرُهَا مَا سِوَى قَوْله تَعَالَى {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ} [المائدة: 80] نُصُوصٌ فِي تَحْرِيمِ الْمُوَالَاةِ الْكُفْرَانِيَّةِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] فَمَا أَبْقَتْ مُتَعَلِّقًا إلَى التَّطَرُّقِ لِهَذَا التَّحْرِيمِ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57] وَتَكْرَارُ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَجَرْيُهَا عَلَى نَسَقِ وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ مُؤَكِّدٌ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست