responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 272
الثَّانِي) مَنْ قَالَ لِكَافِرٍ إنْ أَسْلَمَتْ فَلَكَ عِنْدِي كَذَا، فَإِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ وَيُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْكُوا فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْعَطِيَّةِ فَيَفْتَقِرُ إلَى الْحِيَازَةِ، أَوْ مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ؟ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْكِرَاءِ وَالْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَعْطَى زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ دَارِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا سَاكِنٌ عَلَى أَنْ تُسْلِمَ فَأَسْلَمَتْ فَلَا أَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَطِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ إسْلَامِهَا وَالْإِشْهَادُ يُجْزِئُهَا عَنْ الْحِيَازَةِ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فِيهَا. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا أَرَاهَا إلَّا مِنْ الْعَطِيَّةِ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحِيَازَةِ وَإِلَّا فَلَا صَدَقَةَ لَهَا.
وَفِي الْمَدَنِيَّةِ لِابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَاخْتِيَارُ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ. وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا الْقَوْلَيْنِ فِي رَسْمِ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَفْتَقِرُ لِلْحَوْزِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ قَالَ فِي نَوَازِلِهِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ عَلَى أَنْ تُسْلِمَ وَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ الدَّارَ فَهِيَ جَائِزَةٌ لَهَا وَلِوَرَثَتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ ثَمَنٌ لِلدَّارِ اهـ.
قُلْت: وَلَعَلَّهُمْ إنَّمَا حَكَمُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِلُزُومِ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَمَّا كَانَ يَعْلَمُ بِوُجُوبِ ذَلِكَ الْفِعْلِ عَلَى الْمُلْتَزَمِ لَهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّرْغِيبَ فِي الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَعَلَّهُمْ إنَّمَا قَالُوا: لَا يَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ لَاحَظُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكَافِرُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَقَرَّهُ الشَّارِعُ عَلَى دِينِهِ صَارَ ذَلِكَ شَبِيهًا بِالْفِعْلِ الْجَائِزِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثُ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ تَرَكْت شُرْبَ الْخَمْرِ، أَوْ الزِّنَا فَأَنْت حُرٌّ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى وُجُودِ فِعْلٍ لَزِمَهُ الْعِتْقُ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدَ فِي قَوْلِهِ تَرَكْت ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ صِدْقُهُ قَالَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونَ مِنْ كِتَابِ الْوَلَاءِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ تَرَكْت شُرْبَ الْخَمْرِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَالَ لَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ قَدْ تَرَكْت شُرْبَ الْخَمْرِ: إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَتَّى يُعْرَفَ لِلْعَبْدِ تَوْبَةٌ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَحَالَةٌ حَسَنَةٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُدَّعٍ لِمَا يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُعْرَفَ صِدْقُهُ بِظُهُورِ صَلَاحِ حَالِهِ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[النَّوْعُ الثَّالِثُ الِالْتِزَامُ الْمُعَلَّقُ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ عَلَى الْمُلْتَزَمِ لَهُ]
(النَّوْعُ الثَّالِثُ) الِالْتِزَامُ الْمُعَلَّقُ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ عَلَى الْمُلْتَزَمِ لَهُ كَقَوْلِهِ إنْ قَتَلْتَ فُلَانًا، أَوْ إنْ شَرِبْت الْخَمْرَ فَلَكَ كَذَا وَكَذَا وَحُكْمُهُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ. وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْعَاشِرَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْخَاتِمَةِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ قَتَلْتنِي فَلَكَ كَذَا، أَوْ إنْ قَتَلْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا أَنَّهُ لَا جَعْلَ لَهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ، أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا وَقَعَ فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فِي نَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ فَأَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ فَقَالَتْ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست