responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 154
الْعُلَمَاءُ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا دَامَ مِنْهُ شَيْءٌ مَا مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِذَا فَنِيَ فَحِينَئِذٍ يُدْفَنُ فِيهِ غَيْرُهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مَا مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ قَائِمَةٌ لِجَمِيعِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ قَدْ غُصِبَ اهـ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ رَجُلٍ دَفَنَ أَرْبَعَةً مِنْ الْوَلَدِ فِي مَقْبَرَةٍ مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ مِنْ دَفْنِهِ إيَّاهُمْ غَابَ الرَّجُلُ عَنْ الْبَلَدِ فَجَاءَ الْحَفَّارُ فَحَفَرَ عَلَى قُبُورِ أُولَئِكَ الْأَطْفَالِ قَبْرًا لِامْرَأَةٍ، وَدَفَنَهَا فِيهِ، ثُمَّ جَاءَ الْوَالِدُ مِنْ سَفَرِهِ بَعْدَ دَفْنِ الْمَرْأَةِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَجِدْ لِقُبُورِ بَنِيهِ أَثَرًا غَيْرَ قَبْرِ الْمَرْأَةِ فَأَرَادَ نَبْشَهَا، وَتَحْوِيلَهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لِيُقِيمَ قُبُورَ بَنِيهِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ بِأَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْبُشَهَا، وَيَنْقُلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا مَيِّتَةً كَحُرْمَتِهَا حَيَّةً فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْشِفَهَا، وَيَطَّلِعَ عَلَيْهَا، وَيَنْظُرَ إلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ ذَا مَحْرَمٍ لِمَا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ مِنْهَا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ إذْ لَا يُشَكُّ فِي تَغَيُّرِهَا فِيهَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ فِي آخِرِ بَابِ الْجَنَائِزِ، وَلِلْمَيِّتِ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ قَبْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ نِسْيَانِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَإِلْحَاقُ دَفْنِ آخَرَ مَعَهُ بِأَبْوَابِ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِإِخْرَاجِهِ يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ آخَرَ وَبَسْطٍ طَوِيلٍ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الدَّوَرَانِ بِالْمَيِّتِ وَهُوَ فِي نَعْشِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَهْقَرَى وَاسْتِقَامَةً]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الدَّوَرَانِ بِالْمَيِّتِ، وَهُوَ فِي نَعْشِهِ يَمِينًا، وَشِمَالًا، وَقَهْقَرَى، وَاسْتِقَامَةً فَهَلْ يُعَدُّ كَرَامَةً إنْ كَانَ مِنْ نَفْسِ الْمَيِّتِ، وَيَحْرُمُ إنْ كَانَ مِنْ الْحَامِلِينَ، وَفِي الدَّوَرَانِ بِهِ عَلَى الْأَهَالِيِ، وَجَمْعِ الدَّرَاهِمِ بِهِ، وَغَيْرِهَا، وَتَأْخِيرِ دَفْنِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ، وَأَكْلِ مَا جَمَعُوهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الدَّوَرَانُ بِالْمَيِّتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْحَامِلِينَ يَقِينًا بِالْمُشَاهَدَةِ، وَبِاعْتِرَافِهِمْ بِذَلِكَ فَلَا يُعَدُّ كَرَامَةً، وَلَا اسْتِدْرَاجًا نَعَمْ إنْ طَارَ بِنَعْشِهِ أَوْ مِنْهُ، وَفَارَقَ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ مُنَافٍ لِمَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ مِنْ الْإِسْرَاعِ بِالْمَيِّتِ، وَمُؤْذٍ لِلْمَيِّتِ، وَمُخِلٌّ بِحُرْمَتِهِ، وَجَمْعُ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا بِهِ حَرَامٌ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَتَأْخِيرُ دَفْنِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ تَغَيُّرِهِ وَهَتْكِ حُرْمَتِهِ خُصُوصًا مَعَ شِدَّةِ تَحْرِيكِهِ، وَاضْطِرَابِهِ فَتَخْرُجُ فَضَلَاتُهُ الَّتِي فِي جَوْفِهِ، وَتَخْبُثُ رَائِحَتُهُ، وَيَا لَهَا مِنْ فَضِيحَةٍ، فَيَجِبُ عَلَى مَنْ بَسَطَ اللَّهُ تَعَالَى يَدَهُ بِالْحُكْمِ، وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْمَنْعِ، وَالْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ، وَزَجْرُهُمْ، وَحَبْسُهُمْ، وَضَرْبُهُمْ إنْ لَمْ يَنْفَعْ فِيهِمْ الْكَلَامُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ إقْرَارُهُمْ عَلَى هَذَا الْبَاطِلِ الْفَظِيعِ، وَالْهَوَسِ الشَّنِيعِ.

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست