اسم الکتاب : فتاوى واستشارات الإسلام اليوم المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 111
ثم إنه قد صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، فقد روى مسلم في صحيحه (772) عن حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه- قال: "صليت مع النبي –صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوّذ".
وعمل النبي –صلى الله عليه وسلم- يدل على جواز التنكيس، وقد حمله بعض العلماء على أنه قبل أن يستقر الترتيب في العرضة الأخيرة، وهذا يعني أن هذا مما نسخ، وهذا غير سديد؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لجاء من النص الصريح ما يدل على ذلك، فلما لم يرد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أمر باتباع ترتيب السور، ولا ورد عنه –صلى الله عليه وسلم- نهي عن أن يخالف الترتيب، فإن الأمر يبقى على الجواز، خصوصاً مع وجود عمله –صلى الله عليه وسلم- كما في هذا الحديث، وكذا تقريره لهذا في الحديث الذي ورد عن أنس بن مالك قال: "كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ"قل هو الله أحد" حتى يفرغ منها، ثم يقرأ بسورة أخرى معها، فكان يصنع ذلك في كل ركعة، فلما أتاهم النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبروه الخبر، فقال: "مايحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ قال: إني أحبها، قال النبي –صلى الله عليه وسلم- حبُّك إياها أدخلك الجنة"، ذكره البخاري تعليقاً في كتاب الأذان باب: الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم، ورواه الترمذي (2901) والحاكم (913) وغيرهما.
ولا شك أن التزام الرجل بقراءة سورة الإخلاص في كل ركعة يلزمه أن يقرأ بعدها سورة متقدمة عليها، وفي هذا الحديث تقرير النبي –صلى الله عليه وسلم- لهذا العمل، فهو دليل على جواز تنكيس السور أيضاً.
اسم الکتاب : فتاوى واستشارات الإسلام اليوم المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 111