responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 87
بِهَذَا الْمَعْنَى. وَإِمَّا لِأَنَّ " بِعْتُك " الْإِنْشَائِيَّ فِي مَعْنَى جَعَلْتُهُ مَبِيعًا مِنْك، وَصَيْرُورَتُهُ مَبِيعًا مِنْهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَشِيئَتِهِ، فَيَكُونُ الشَّرْطُ فِيمَا فُهِمَ مِنْ " بِعْتُك " لَا فِي " بِعْتُك " كَمَا كَانَ الشَّرْطُ فِي الْآيَةِ فِيمَا فُهِمَ مِنْ الْإِحْلَالِ وَهُوَ الْحِلُّ؛ لَا فِي نَفْسِ الْإِحْلَالِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ فِي تَوْجِيهِ قَوْلِهِ " بِعْتُك إنْ شِئْت " وَهُوَ أَصْعَبُ مِنْ " أَحْلَلْنَا " لِأَنَّ " بِعْتُك " لَفْظٌ وَاحِدٌ لَا يَنْحَلُّ إلَى الْعَطِرِ بِخِلَافِ " أَحْلَلْنَا " فَإِنَّهَا الْحِلُّ الْأَصْلِيُّ الَّذِي هُوَ نَاشِئٌ عَنْ الْإِحْلَالِ الَّذِي اقْتَضَتْهُ الْهَمْزَةُ الدَّاخِلَةُ عَلَى " حَلَّ " فَلَمْ يَكُنْ اخْتِصَاصُ الْحِلِّ بِالشَّرْطِ بَعِيدًا فِي تَقْدِيرِ الْعَرَبِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كُتِبَ انْتَهَى.

[بَذْلُ الْهِمَّةِ فِي إفْرَادِ الْعَمِّ وَجَمْعِ الْعَمَّةِ]
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
وَبَعْدُ فَقَدْ سُئِلْت عَنْ إفْرَادِ الْعَمِّ وَجَمْعِ الْعَمَّةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ} [الأحزاب: 50] وَكُنْت قَدْ سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا فَخَطَرَ لِي شَيْءٌ لَمْ أَسْمَعْهُ، فَأَرَدْت أَنْ أَكْتُبَهُ لَيُنْظَرَ فِيهِ. وَسَمَّيْته " بَذْلُ الْهِمَّةِ فِي إفْرَادِ الْعَمِّ وَجَمْعِ الْعَمَّةِ " أَمَّا الَّذِي سَمِعْته: فَإِنَّ الْعَمَّ اسْمُ جِنْسٍ، وَالْعَمَّةُ وَاحِدَةٌ وَلِأَجْلِ التَّاءِ الَّتِي فِيهَا جُمِعَتْ، دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَالْعَمُّ لَمَّا كَانَ اسْمَ جِنْسٍ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى دَفْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ وَيُسْتَفَادُ الْعُمُومُ فِيهِمَا مِنْ الْإِضَافَةِ وَأَكَّدَ الْعُمُومَ فِي الثَّانِي وَلَمْ يُؤَكِّدْ فِي الْأَوَّلِ لِمَا قُلْنَاهُ، وَالتَّاءُ فِي الْعَمَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّأْنِيثِ فَهِيَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاحِدَةِ أَيْضًا.
وَهَذَا الْجَوَابُ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ جَمْعُ الْعَمِّ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ} [النور: 61] فَلَوْ كَانَ كَوْنُهُ اسْمَ جِنْسٍ وَحْدَهُ مَانِعًا مِنْ الْجَمْعِ لَمَنَعَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ، لَكِنَّهُ فِي آيَةِ النُّورِ جُمِعَ إشَارَةً إلَى التَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ فِي الْأَكْلِ مِنْ الْبُيُوتِ، وَفِي آيَةِ الْأَحْزَابِ إفْرَادٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي سَأَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَقْلِيلًا لِلْعُمُومِ عَلَى خِلَافِ مَا يَسْبِقُ إلَيْهِ الذِّهْنُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي الْعُمُومِ بِكَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ، وَيَعُودُ الْمَعْنَى إلَى أَنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى الْعُمُومِ فِي الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ الْمُضَافَيْنِ سَوَاءٌ.
وَأَنَّ فِي خُصُوصِ آيَةِ النُّورِ قَصْدَ التَّعْمِيمِ فِيهَا وَفِي آيَةِ الْأَحْزَابِ قَصْدَ التَّعْمِيمِ فِي الْعَمَّاتِ دُونَ الْأَعْمَامِ، فَيَعُودُ إلَى مَا نَقُولُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ فِي اقْتِضَاءِ الْعُمُومِ عِنْدَ الْإِضَافَةِ أَوْ عَدَمِ اقْتِضَائِهِ.
وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي الْفَرْقَ الْمُشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ تَاءُ الْوَحْدَةِ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَحَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِيهِ يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَرُبَّمَا يُقَالُ فِيهِ إنْ كَانَ صَادِقًا عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ اقْتَضَى الْعُمُومَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْعَالِمِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيِّ مِنْ شُيُوخِ شُيُوخِنَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست