responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 85
فَوَجَدْتهَا عَلَى أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا جَاءَ التَّبْدِيلُ فِيهِ مُتَعَدِّيًا إلَى وَاحِدٍ لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُ مَفْعُولٌ آخَرُ وَلَا مَجْرُورٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ {يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} [غافر: 26] وَ {أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] وَ {أَنْ أُبَدِّلَهُ} [يونس: 15] {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ} [البقرة: 211] وَفِي هَذِهِ الثَّلَاثِ الْمُبَدَّلُ هُوَ الْمَتْرُوكُ.
وَقَوْلُهُ {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ} [المعارج: 41] وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْمَأْتِيُّ بِهِ، وَمَجِيءُ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّبْدِيلَ تَارَةً يَكُونُ بِمَعْنَى طَرْحِ الشَّيْءِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِهِ وَتَارَةً يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِتْيَانِ بِمَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا بَدَلَ مَا هُوَ حَاصِلٌ؛ وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا جَعْلُهُ بَدَلًا وَهُوَ صَادِقٌ فِي النَّوْعَيْنِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا زِيدَ عَلَيْهِ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ لِبَيَانِ مَا جُعِلَ بَدَلًا عَنْهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ لَوْ جَعَلْت الْهَمْزَةَ بَدَلَ التَّضْعِيفِ فِي الْفِعْلِ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَعْنَى، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ صِحَّةُ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ فَلَا تُبَدَّلُ الصَّادُ بِالطَّاءِ وَقَوْلُ النُّحَاةِ فَلَا تُبَدَّلُ الظَّاءُ بِالصَّادِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى سَوَاءٌ، لَكِنَّهُ شَيْءٌ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْمَقْصُودِ لِتُعْرَفَ بِالْقَرِينَةِ وَهِيَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْحَاصِلَ هُوَ الضَّادُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إلَى الطَّاءِ وَلَا جَعْلُ الطَّاءِ مَكَانَهَا فَالْفُقَهَاءُ أَرَادُوا مَعْنَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَالنُّحَاةُ أَرَادُوا مَعْنَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ تَوَارَدُوا عَلَيْهِ بِعِبَارَتَيْنِ وَمَقْصُودَيْنِ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ]
(آيَةٌ أُخْرَى) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 9] فِي جُمْلَتِهِمْ أَوْ فِي مُدْخَلِهِمْ، وَالصَّلَاحُ مِنْ أَبْلُغْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَهُوَ مُتَمَنَّى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ ذَلِكَ اُنْظُرْ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ» وَانْظُرْ صَلَاحَ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ وَالْعِرْفَانِ وَالْأَحْوَالِ وَصَلَاحَ الْجَسَدِ بِالطَّاعَةِ وَالْإِذْعَانِ، وَالْخَلَائِقُ يَتَفَاوَتُونَ فِي ذَلِكَ تَفَاوُتًا كَبِيرًا، فَصَلَاحُ الْعَبْدِ بِصَلَاحِ قَلْبِهِ وَبَدَنِهِ عَلَى قَدْرِ مَقَامِهِ. وَهِيَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ لَهُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ وَإِتْيَانِهِ إيَّاهَا لَهُ وَمَا سِوَاهَا مِنْ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِمَا نَاشِئٌ عَنْهَا فَلِذَلِكَ كَانَتْ أَعْظَمَ الصِّفَاتِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ الصَّالِحُ مَنْ قَامَ بِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْعِبَادِ كَلَامٌ إجْمَالِيٌّ لَا يُنَبِّهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ؛ لَكِنَّهُ إذَا شَرَحَ مَا فِيهِ مِنْ الْعُلُومِ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا السِّرُّ فِي الْمَعْنَى الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَهِيَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ يَخْلُقُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَاتِ الْعَبْدِ وَيُفِيضُهَا عَلَيْهِ يَقْرُبُ بِهَا مِنْهُ وَيَنَالُ بِهَا سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصَلَاحُ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ حَالِهِ. فَأَعْظَمُ الصَّلَاحِ صَلَاحُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: كَانَ لُوطُ ابْنَ أُخْتِ إبْرَاهِيمَ صَوَابُهُ ابْنَ أَخِي إبْرَاهِيمَ. وَهُوَ لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ آزَرَ، وَقَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست