responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 63
كَفَرَ. وَاعْتِقَادُهُ فِي الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ. وَلَيْسَ قَوْلُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " مِمَّا يُوجِبُ اعْتِقَادَ تَغَيُّرِ مَا عِنْدَ قَائِلِهِ مِنْ الْإِيمَانِ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ قَطْعًا لِغَيْرِ الشَّكِّ وَاشْتِهَارِهِ فِيهِ، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ " أَنَا مُؤْمِنٌ ".
وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ " أَنَا مُؤْمِنٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ " فَمَنَعَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا فِي عِلْمِ اللَّهِ لَا يَتَغَيَّرُ، وَالْعَبْدُ لَا يَدْرِي خَاتِمَةَ أَمْرِهِ. وَأَمَّا الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ " أَنَا مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ " فَأَجَازَهَا مَنْ مَنَعَ " أَنَا مُؤْمِنٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ " وَفَرَّقَ بِأَنَّ " عِنْدَ " تَتَغَيَّرُ وَالْعِلْمُ لَا يَتَغَيَّرُ، وَسَوَّى بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا.
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ " مَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَهُوَ مِنْ الْكَذَّابِينَ " وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ الْحَالَ لَمْ يُمْنَعْ وَإِنْ قَصَدَ الْمُسْتَقْبَلَ اُمْتُنِعَ. وَالْمَاضِي كَالْحَالِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى يَتَعَلَّقُ بِالْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ. فَإِذَا كَانَ الْوَاقِعُ مِنْهُ عِنْدَ النُّطْقِ بِذَلِكَ الْعَقْدِ الْجَازِمِ تَعَلَّقَ عِلْمُ اللَّهِ بِهِ كَمَا هُوَ وَاقِعٌ. فَصَحَّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ " فِي عِلْمِ اللَّهِ " وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَجْهَلُ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَعَلَّقَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِكَوْنِهِ مُؤْمِنًا فِي الْحَالِ، وَعِلْمُ اللَّهِ لَا يَتَغَيَّرُ.
قِيلَ عِلْمُهُ تَعَالَى يَتَعَلَّقُ بِالْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَاقِعَةً بِحَسَبِ خَلْقِهِ تَعَالَى. فَإِذَا حَصَلَ الْإِيمَانُ تَعَلَّقَ بِهِ الْعِلْمُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْعِلْمُ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ فِي ثَانِي الْحَالِ بِمَا وَجَدَ مُخَالِفًا لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ مَوْجُودًا قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى كَمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَا يَكُونُ أَنَّهُ سَيَكُونُ.
وَيُقَالُ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ " عِنْدَ اللَّهِ " مَعْنَى " فِي عِلْمِ اللَّهِ " فَالْكَلَامُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ فِي حُكْمِ اللَّهِ فَهُوَ صَحِيحٌ. فَإِنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى جَارٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. وَإِنْ تَغَيَّرَ الْحَالُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ جَرَى الْحُكْمُ عَلَى الْمُغَايِرِ.
وَأَمَّا الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ " أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا فَإِنْ قَصَدَ مِنْهَا أَنَّ إيمَانَهُ الْوَاقِعَ مِنْهُ لَا ارْتِيَابَ فِيهِ وَلَا شَكَّ فَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ قَصَدَ رُتْبَةَ الْكَمَالِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] فَهُوَ تَزْكِيَةٌ لِلنَّفْسِ. وَكَيْفَ يَعْلَمُ الْوَاحِدُ مِنَّا ذَلِكَ؟ وَهُوَ مَحَلُّ الْإِخْلَالِ وَجَاءَ عَنْ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ " إنَّ قَوْلَ الْمُؤْمِنِ أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا بِدْعَةٌ " وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ " مَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا فَهُوَ كَافِرٌ حَقًّا. وَمَنْ قَالَ: أَنَا عَالَمٌ فَهُوَ جَاهِلٌ. وَمَنْ قَالَ: أَنَا فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ فِي النَّارِ "
وَهَذَا مَعْنَى مَا سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ

[قَوْله تَعَالَى وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ]
آيَةٌ أُخْرَى قَوْله تَعَالَى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ فَقِيلَ إنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ. وَقِيلَ لِأَنَّ " ابْنُ " صِفَةٌ لَا خَبَرُ. وَأَرَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صِفَةً لَكَانَ الْخَبَرُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست