responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 60
إذَا قِيلَ لَك أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ فَقُلْ أَنَا لَا أَشُكُّ فِي الْإِيمَانِ وَسُؤَالُك إيَّايَ بِدْعَةٌ.
وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ السُّؤَالَ عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ. فَأَمَّا إذَا حَصَلَ تَرَدُّدٌ وَاشْتِبَاهٌ فَلَا بَأْسَ بِالسُّؤَالِ وَكَذَا إنْ عَرَضَ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ شَرْعًا. ثُمَّ الْجَوَابُ الَّذِي تَكَلَّمَ السَّلَفُ فِيهِ ذُكِرَ فِي صُوَرٍ إحْدَاهَا أَنَا مُؤْمِنٌ وَالثَّانِيَةِ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَالثَّالِثَةُ. أَنَا مُؤْمِنٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ. وَالرَّابِعَةُ أَنَا مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ وَالْخَامِسَةُ أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا فَأَمَّا الْأُولَى فَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْجَوَابِ بِهَا فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ إذَا سُئِلَ عَنْ الْإِيمَانِ يَقُولُ الْمَسْئُولُ آمَنْت بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَلَا يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، جَاءَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ إنِّي مُؤْمِنٌ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَاسْأَلُوهُ أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ؟ فَسَأَلُوهُ. فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ فَقَالَ هَلَّا وَكَلْت الْأَوْلَى إلَى اللَّهِ كَمَا وَكَلْت الْأَخِيرَةَ؟ وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَلْيَشْهَدْ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ. وَعَلَى هَذَا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ إذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَعَنْ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ مُسْلِمٌ وَلَوْ مَاتَ مُؤْمِنٌ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى إجَازَةِ ذَلِكَ، فَيَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ وَيَقْطَعُ.
وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ؛ وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ الْمُؤْمِنُ مِنْ تَسْمِيَةِ نَفْسِهِ مُؤْمِنًا، لِمَا يَخْشَاهُ مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَةِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْلِبُ الْمَوْجُودَ مَعْدُومًا. وَإِنَّمَا يُحْبِطُ أَجْرَهُ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَخَالَفَ بَعْضُ السَّلَفِ فِيهَا فَقَالُوا لَا يُسْتَثْنَى وَمِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَاءَ أَنَّهُ أَخْرَجَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَنَا أَذْبَحُهَا فَرَآهُ سَيِّئَ الْهَيْئَةِ فَقَالَ أَنْتَ مُسْلِمٌ؟ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ. مَا أَنْتَ بِذَابِحٍ لَنَا الْيَوْمَ شَيْئًا.
وَهَذَا الْقَوْلُ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَخَلَائِقُ مِنْ التَّابِعِينَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْهُمْ طَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ؛ وَالشَّافِعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَقَالَ مَا أَدْرَكْت أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا وَلَا بَلَغَنِي إلَّا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعِيبُونَ عَلَى مَنْ لَا يَسْتَثْنِي. وَقَالَ قَوْمٌ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَنَسَبَهُ إلَى أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَالْحَقُّ الْجِوَازُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ الْمَاضِي وَلَا فِيمَا هُوَ وَاقِعٌ الْآنَ وَلَا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَقْدِ.
وَذُكِرَ فِيمَا سَبَقَ قَوْلُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " لِأَجْلِهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا رِعَايَةُ الْأَدَبِ بِذِكْرِ اللَّهِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست