responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 44
مِنْ أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ الَّتِي هِيَ مَجَامِعُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ.

(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) : أَحْوَالُ سَبَبِ الْعُمُومِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ وَدُخُولِ مَا بِهِ الْمُنَاسَبَةُ، أَمَّا دُخُولُ السَّبَبِ فَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ قَطْعِيٌّ لِأَنَّ الْعَامَّ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِطَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْعُمُومُ، وَالثَّانِي كَوْنُهُ وَارِدًا لِبَيَانِ حُكْمِهِ. وَلِذَلِكَ رَدَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» أَنَّ الْفِرَاشَ الزَّوْجَةُ.
وَقَالَ: إنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ وَارِدٌ فِي أَمَةٍ وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ فِي قَضِيَّةِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، وَلِذَلِكَ لَمَّا بَالَغَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ السَّبَبِ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ يَقُولُ الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَهُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ غَيْرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ سَبَبَ النُّزُولِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: وَهَذَا عِنْدِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إذَا دَلَّتْ قَرَائِنُ حَالِيَّةٌ أَوْ مَقَالِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ يَشْمَلُهُ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ لَا مَحَالَةَ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَازَعَ الْخَصْمُ فِي دُخُولِهِ وَضْعًا تَحْتَ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَيَدَّعِي أَنَّهُ يَقْصِدُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْعَامِّ إخْرَاجَ السَّبَبِ وَبَيَانَ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ فَإِنَّ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقُولُوا فِي حَدِيثِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ: إنَّ قَوْلَهُ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي أَمَةٍ فَهُوَ وَارِدٌ لِبَيَانِ حُكْمِ ذَلِكَ الْوَلَدِ، وَبَيَانُ حُكْمِهِ إمَّا بِالثُّبُوتِ أَوْ بِالِانْتِفَاءِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْفِرَاشَ هِيَ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهَا الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْفِرَاشُ غَالِبًا وَقَالَ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» كَانَ فِيهِ حَصْرُ أَنَّ الْوَلَدَ لِلْحُرَّةِ وَبِمُقْتَضَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلْأَمَةِ، فَكَانَ فِيهِ بَيَانُ الْحُكْمَيْنِ جَمِيعًا: نَفْيُ السَّبَبِ عَنْ الْمُسَبَّبِ وَإِثْبَاتُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَلِيقُ دَعْوَى الْقَطْعِ يَقِينًا، وَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ.
وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ نِزَاعٌ فِي أَنَّ اسْمَ الْفِرَاشِ هَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ أَوْ لِلْحُرَّةِ فَقَطْ؟ فَالْحَنَفِيَّةُ يَدَّعُونَ الثَّانِيَ، فَلَا عُمُومَ عِنْدَهُمْ لَهُ فِي الْأَمَةِ فَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ بِخُصُوصِ السَّبَبِ إلَى مَا كُنَّا فِيهِ، نَعَمْ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ «هُوَ لَك يَا عَبْدُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» بِهَذَا التَّرْكِيبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ عَلَى حُكْمِ السَّبَبِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْ قَوْلِهِ " الْفِرَاشُ " فَلْيُنَبَّهْ لِذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ تَحَقَّقَ دُخُولُهُ فِي اللَّفْظِ الْعَامِّ وَضْعًا، لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ كَوْنَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست