responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 420
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُخَابَرَةِ وَادَّعَوْا بِأَنَّهَا الْمُسَاقَاةُ وَبِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً، وَهِيَ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ، وَالْإِجَارَةُ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً كَانَتْ بَاطِلَةً وَلِأَنَّ أُصُولَ الْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْخِيَارِ تَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ، وَالتَّرْبِيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَامَلَ عَلَيْهَا بِبَعْضِ نَمَائِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ نَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا لِغَنَمِهِ بِبَعْضِ نَمَائِهَا وَبِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ لَا تَصِحُّ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ وَبِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِمْ إذَا شَاءَ أَخْرَجَهُمْ.
وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَصِحُّ عِنْدَكُمْ وَبِأَنَّ مُعَامَلَةَ خَيْبَرَ لَمْ تَكُنْ مُسَاقَاةً؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَهَا عَنْوَةً وَاسْتَرَقَّ أَهْلَهَا فَكَانُوا عَبِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ يَعْمَلُونَ فِي أَرَاضِيِهِمْ وَاَلَّذِي شَرَطَ لَهُمْ طُعْمَةً جُعِلَتْ لَهُمْ لَيْسَتْ أُجْرَةً وَأَجَابَ بِأَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَهَذَا لَيْسَ بِبَيْعٍ، وَلَوْ صَحَّ فَالْغَرَرُ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ جَائِزَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ وَعَقْدُ الْمُسَاقَاةِ لَيْسَ بِغَرَرٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهَا تُثْمِرُ كُلَّ سَنَةٍ.
أَمَّا الْمُخَابَرَةُ فَلَيْسَتْ كَمَا فَسَّرُوهُ بَلْ هِيَ اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ أَنَّ الْأَرْضَ يَجُوزُ إجَارَتُهَا، وَالْأَشْجَارُ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهَا لِهَذَا الْغَرَضِ، وَعَنْ دُخُولِ الْمُزَارَعَةِ فِي خَيْبَرَ بِأَنَّهَا عِنْدَنَا تَجُوزُ فِي الْبَيَاضِ الَّذِي فِي تَضَاعِيفِ النَّخْلِ، أَمَّا الْعِلْمُ بِالْمُدَّةِ فَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ بِالْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْخَبَرُ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ مُدَّةَ كَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ وَلَمْ نَجِدْ نَقَلَهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ مُدَّةَ كَذَا قَالَ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا أَرَادَ إجْمَاعَ مَنْ قَالَ بِهَا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ.
أَمَّا شَرْطُ إخْرَاجِهِمْ إذَا شَاءَ فَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ الشَّرْطُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ النَّسْخَ كَانَ يَجُوزُ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَكَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْأَحْكَامِ وَقْتًا فَوَقْتًا، وَعَنْ كَوْنِهِمْ عَبِيدًا بِأَنَّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجْلَاهُمْ وَلَمْ يُبْلِغْ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ لَازِمًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْعَامِلِ.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقَتِهِ: إنَّمَا قَالَ أُقِرُّكُمْ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَا يَرَوْنَ النَّسْخَ وَكَانُوا يَهُودًا فَشَرَطَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ قَطْعًا لِتَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ فِيهِمْ اللُّزُومَ وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ جَائِزٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُوحَى إلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنَّا لِعَدَمِ الْوَحْيِ حَتَّى يَذْكُرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَمَا فِي الْإِجَارَةِ قَالَ: وَالثَّمَرَةُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ يُثْمِرُ ثَمَرَةً فِيهَا الْعُشْرُ كَالْكُرُومِ، وَالنَّخْلِ فَيَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَقِسْمٌ يُثْمِرُ ثَمَرَةً لَا يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ، وَهُوَ مَا عَدَا النَّخْلَ، وَالْكُرُومَ كَالتُّفَّاحِ، وَالْخَوْخِ وَنَحْوِهَا، فَفِي جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ الْقَدِيمُ يَجُوزُ كَالْكُرُومِ، وَالنَّخْلِ، وَالْجَدِيدُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا؛ لِأَنَّ ثِمَارَهَا مُسْتَتِرَةٌ بِالْأَوْرَاقِ وَلَا يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ.

أَمَّا الْمُسَاقَاةُ عَلَى شَجَرِ الْفِرْصَادِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ كَسَائِرِ الْأَشْجَارِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْوَرَقُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 420
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست