responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 382
فِي حَالِ حُضُورِهِ إلَّا بِالْقَضَاءِ فَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ فِي الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ الْإِلْزَامِيَّ عَلَى الْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ.
وَالْجَوَابُ بِالنِّزَاعِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ فِي الْقَضَاءِ ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا لَهُمْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْقَضَاءَ بِمُوجَبِ الْإِقْرَارِ كَالْقَضَاءِ عَلَى الْمُحَكَّمِينَ وَفِي حُكْمِ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ خِلَافُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَالْجَوَابُ بِالنِّزَاعِ فِي أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ ثُمَّ فِي هَذَا إلْحَاقُ الْقَضَاءِ بِالْمُوجَبِ بِهِ وَكِلَا الْمَقَامَيْنِ مَمْنُوعٌ، فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إنَّهُ إذَا ارْتَضَعَ كَبِيرٌ مِنْ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَ بِهَا فَفَرَّقَ حَاكِمٌ بَيْنهمَا لِرَأْيِهِ أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَحْرُمُ كَغَيْرِهِ إنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُ.
قُلْت: قَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ يَنْقُضُ قَضَاءَ الْقَاضِي بِهِ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهَا ضَعِيفٌ، وَالْمَالِكِيَّةُ يَنْقُضُونَ كُلَّ مَا خَالَفَ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ مِنْهُمْ، وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ غَيْرَهُمْ ذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ، وَلِهَذَا أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ عَائِشَةَ ذَلِكَ وَقُلْنَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَمَرَ بِهِ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ رُخْصَةً فِي رَضَاعِ سَالِمٍ وَحْدَهُ.
فَإِنْ قُلْت: هَلْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ التَّفَرُّقَ فَسْخٌ لِلنِّكَاحِ، وَالْفَسْخُ كَالْعَقْدِ لَيْسَ بِحُكْمٍ؟ قُلْت قَدْ حَكَمَ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ بِنَقْضِ قَضَاءَ الْقَاضِي بِهِ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهَا ضَعِيفٌ، وَالْمَالِكِيَّةُ قَسَمُوا أَفْعَالَ الْحَاكِمِ إلَى مَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ كَمَا فِي بَيْعِهِ الْعَبْدَ الَّذِي أَعْتَقَهُ الْمَدْيُونُ وَإِلَى مَا لَا يَسْتَلْزِمُهُ كَتَزْوِيجِهِ يَتِيمَةً تَحْتَ حَجْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ يَحْتَاجُ إلَى الْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ، وَيَكُونُ الضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ يَكُونُ فِعْلُ الْحَاكِمِ فِيهِ مُسْتَلْزِمًا لِلْحُكْمِ، وَمَا لَا فَلَا، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّفْرِيقُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحُكْمِ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ السَّدِيدُ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ قُلْت: قَوْلُ الْحَاكِمِ فِي إسْجَالِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ هَلْ لَكُمْ تَعَلُّقٌ بِهِ حَتَّى يُقَالَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ ثَبَتَ عِنْدَهُ الْمِلْكُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ.
قُلْت: أَمَّا مَنْ يَرَى أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ إلَّا بِذَلِكَ فَيَجِبُ اعْتِقَادُ ذَلِكَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ وَأَلَّا يَكُونَ حُكْمُهُ بَاطِلًا وَيَكُونَ قَدْحًا فِيهِ، أَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ وَلَا نَعْتَقِدُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْحُكْمِ مُطْلَقًا بَلْ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فَكَذَلِكَ نَقُولُ: إنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ عِنْدَهُ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الشَّرَائِطَ الْمُعْتَبَرَة فِي هَذَا الْحُكْم؛ وَلِذَلِكَ نَرَى الْوَاقِع مِنْ الْحُكَّامِ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: حَكَمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الشَّرَائِطِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست