responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 380
الْعَقْدِ الْخَاصِّ تَعَيَّنَ، وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ مَنْ يَرَى الصِّحَّةَ وَشَمَلَ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى مُوجَبًا لَهُ لِعُمُومِهِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْإِضَافَةِ، وَيَصِحُّ الْحُكْمُ بِالْأَمْرِ الْعَامِّ سَوَاءً اسْتَحْضَرَ الْحَاكِمُ أَفْرَادَهُ، أَوْ لَا؟
قُلْت هَذَا مِنْ الْإِبْهَامِ الْقَادِحِ، وَنَظِيرُهُ أَنْ يَقُولَ: حَكَمْت بِكُلِّ مَا يُوجِبُهُ هَذَا اللَّفْظُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَذِهِ الْكُلِّيَّةِ، وَالشَّرْطُ عِلْمُ الْحَاكِمِ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ ذَلِكَ الْوَقْتَ جُزْئِيَّاتِهَا، أَمَّا قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ قَالَ: مَهْمَا كَانَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَقَدْ حَكَمْت بِهِ فَنَقُولُ: إنْ قَالَ ذَلِكَ مَعَ الْجَهْلِ بِمُقْتَضَاهُ فَسَدَ الْجَهْلُ، وَإِنْ قَالَ مَعَ الْعِلْمِ فَلَا نُسَلِّمُ بِالْفَسَادِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بِصِحَّةِ ذَلِكَ اللَّفْظِ وَيَتَرَتَّبُ الْأَثَرُ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ شُرَيْحُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَحْمَدَ الرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِ رَوْضَةُ الْحُكَّامِ فِي بَابِ الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَقَالَ الْقَاضِي: أَلْزَمْتُك مُوجَبَ إقْرَارِك فَقَدْ قِيلَ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَصَحَّ وُجُوبُهُ لِلْإِقْرَارِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِلْزَامِ، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ فَائِدَةٌ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ مُخْتَلَفًا فِي صِحَّتِهِ، فَإِذَا أَلْزَمَهُ بِهِ كَانَ حُكْمًا بِصِحَّتِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْإِقْرَارَ كَانَ بِلَحْنٍ أَوْ إرْوَاءٍ لَمْ يُسْمَعْ بَعْدَ الْإِلْزَامِ الْغَائِبُ وَلَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا، وَإِنْ قُلْنَا: لَا مَعْنَى لِلْإِلْزَامِ سُمِعَتْ، وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الْإِلْزَامِ فَلَوْ أُلْزِمَ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُقِرِّ كَانَ كَالْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ.
قُلْت: هَذَا النَّقْلُ لَنَا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَائِلُ الثَّانِي وَبَيَّنَ الْفَائِدَةَ فِيهِ وَأَنَّهُ يَكُونُ حُكْمًا بِصِحَّتِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنَّا بِعَيْنِهِ، وَالْقَائِلُ الْأَوَّلُ لَمْ يُصَرِّحْ بِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ لَا تَخَالُفَ فِيهِ وَأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَرَ كَلَامَهُ عَلَى الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ تَنْفِيذٌ، وَهُوَ مُجَرَّدُ الْإِلْزَامِ بِالْحَقِّ الثَّابِتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَجَدَّدَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ، وَالْحُكْمُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا إنْشَاءٌ يَتَغَيَّرُ بِهِ الْحَالُ عَمَّا كَانَ قَبْلَهُ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ فَالْقَائِلُ الْأَوَّلُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَالَ مَا قَالَ، وَالْقَائِلُ الثَّانِي نَظَرَ إلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَتَحَقَّقُ خِلَافًا، وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الرُّويَانِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِمُوجَبِ الْإِقْرَارِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَيِّنَتُهُ لَك بَلْ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَهُ تَأْثِيرٌ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُحْتَمَلٌ.
وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ فِي بَقِيَّةِ كَلَامِ الْقَائِلِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا مَعْنَى لِلْإِلْزَامِ سُمِعَتْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إلْزَامًا لِلْقَائِلِ الْأَوَّلِ، وَأَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا فَلَمْ يَتَحَرَّرْ لَنَا الْجَزْمُ عَنْ قَائِلٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمًا بِالصِّحَّةِ وَيَتَحَرَّرُ عَنْ قَائِلٍ أَنَّهُ حُكْمٌ بِهَا، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ قَائِلًا يَقُولُ بِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمًا بِالصِّحَّةِ فَغَايَتُهُ ثُبُوتُ خِلَافٍ، وَالصَّوَابُ مَعَ الثَّانِي.
فَإِنْ قُلْت قَدْ صَنَّفَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَعْيَانُهُمْ تَصْنِيفًا فِي أَنَّ الْحُكْمَ بِمُوجَبِ الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَمْنَعُ النَّقْضَ. قُلْت: قَدْ تَأَمَّلْته فَلَمْ أَجِدْ دَافِعًا فِيهِ لِمَا قُلْته فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِأَوْجُهٍ: مِنْهَا أَنَّ الْحَاكِمَ بِالْمُوجَبِ لَمْ يَحْكُمْ فِي الْعَقَارِ بِشَيْءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست