responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 377
الْحُكْمُ بِثُبُوتِ الْأَثَرِ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ مَوْجُودَيْنِ أَمْ يَتَجَدَّدَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ فِي حَقِّهِمْ لَا مُطْلَقًا، وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ بِالْمُؤَثِّرِ بِهِ التَّامَّةِ مُطْلَقًا، وَيَلْزَمُ مِنْهَا ثُبُوتُ الْآخَرِ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، ثُمَّ الْقِسْمَانِ يَشْتَرِكَانِ فِي أَنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَأْتِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِدَافِعٍ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ مَعَ إبْقَاءِ كُلِّ ذِي حُجَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى حُجَّتِهِ.
وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الْجَزْمَ بِالْحُكْمِ فَقَدْ بَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ مُوجَبِ الْإِنْشَاءِ، وَصِحَّةِ الْإِنْشَاءِ، وَمُوجَبِ الْإِقْرَارِ، وَصِحَّةِ الْإِقْرَارِ، وَالسَّبَبِ الدَّاعِي لِلْقُضَاةِ، وَالْإِجَابَةِ إلَى الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فِي وَقْتٍ، وَإِلَى التَّوَقُّفِ فِي وَقْتٍ مَعَ الْإِجَابَةِ إلَى الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ، وَمَعَانِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَإِنْ قُلْت: مَا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ، وَلِمَ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ مُطْلَقًا عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ؟
قُلْت لَوْ قُلْنَا بِذَلِكَ لَأَدَّى إلَى أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ مِلْكٌ فَوَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا، أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَقْفًا مُتَّصِلًا بِشُرُوطِهِ، وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ صَرْفِهِ وَأَرَادَ بَيْعَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ مِلْكُهُ إنْ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ مُخَالَفَةً لِلْقَاعِدَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الشَّرْعِ أَنَّ الْمُقِرَّ، وَالْمُتَصَرِّفَ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ، وَتَصَرُّفِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مِلْكَهُ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَتْ مِلْكَهُ فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْهُ بِالْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا، وَلَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِي بَيْعِهَا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فَإِقْرَارُهُ عَلَى بَيْعِهَا إقْرَارُهُ عَلَى خَطَأٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَمُنْكَرٍ قَطْعًا فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ إزَالَتُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ» ، وَلَا طَرِيقَ لَنَا إلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ كَذَلِكَ فَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ.
فَإِنْ قُلْت: هَذَا فِي الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلِمَ قُلْت: إنَّهُ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ كَوْنِهِ سَبَبًا حَتَّى يَرْتَفِعَ؟ . قُلْت: لِأَنَّنَا نَنْقُلُ الْكَلَامَ إلَى الْمُخْتَلَفِ، وَنَفْرِضُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ مَثَلًا، وَأَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ، وَطَلَبَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ حَاكِمٍ يَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَقَالَ الْوَاقِفُ: أَنَا لَا أُسَلِّمُ لَا أَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فَصْلُ الْقَضِيَّةِ عَلَى مُقْتَضَى اعْتِقَادِهِ، وَيَحْكُمُ عَلَى الْوَاقِفِ بِصِحَّةِ السَّبَبِيَّةِ، وَلُزُومِ التَّسْلِيمِ، وَلَوْلَا حُكْمُهُ بِصِحَّةِ السَّبَبِيَّةِ لَمَا أَمْكَنَهُ الْحُكْمُ بِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَلَدَامَ النِّزَاعُ، وَإِصْرَارُ الْوَاقِفِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ الْحَاكِمُ خَطَأَهُ.
فَإِنْ قُلْت: سَلَّمْنَا أَنَّهُ يَحْكُمُ بِذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ فَلِمَ قُلْت: إنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ. قُلْت: لِأَنَّهُمْ تَلَقَّوْا الْمِلْكَ عَنْهُ، وَيَعْتَرِفُونَ بِالْمِلْكِ وَالْبَدْأَةِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ اعْتِرَافُهُمْ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ وَإِقْرَارِهِ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْهُ بِالْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَلَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست