responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 371
مِنْ أَصْحَابِنَا لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ مَالَ الْمُفْلِسِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّهُ حُكْمٌ لَهُ بِالْمِلْكِ.
وَالْقَرَافِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ: حُكْمُ الْحَاكِمِ قَدْ يَكُونُ الِالْتِزَامُ لِحُكْمِهِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ بِإِبْطَالِ الْعِتْقِ بِالِالْتِزَامِ وَكَذَلِكَ الْفِعْلُ كَبَيْعِ الْحَاكِمِ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ بِخِلَافِ تَزْوِيجِهِ بِيَتِيمَةٍ تَحْتَ حَجْرِهِ، أَوْ بَيْعِهِ مَالَهَا، فَالْفِعْلُ قَدْ يُعَرَّى عَنْ الْحُكْمِ، وَقَدْ يَسْتَلْزِمُهُ انْتَهَى.
وَلَا شَكَّ فِي اسْتِلْزَامِ الْحُكْمِ الْحُكْمَ؛ وَأَمَّا اسْتِلْزَامُ الْفِعْلِ الْحُكْمَ فَفِيهِ نَظَرٌ سَنَتَعَرَّضُ لَهُ فِي آخِرِ هَذَا التَّصْنِيفِ وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا هُنَا إلَى إتْيَانِهِ، أَوْ نَفْيِهِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا فِي اسْتِلْزَامِ الْحُكْمِ الْحُكْمَ لَا فِي اسْتِلْزَامِ الْفِعْلِ الْحُكْمَ. هَذَا قَوْلُنَا فِي الْحُكْمِ بِمُوجَبِ الْإِقْرَارِ، أَمَّا الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْنِي الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ إلَّا الْحُكْمَ بِمُوجَبِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي مِنْ بَيْعٍ، أَوْ وَقْفٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا إذَا قَالَ: حَكَمْت بِهِمَا مَعْنَاهُ حَكَمْت بِمُوجَبِهِمَا: فَإِنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ حُكْمُ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، وَالتَّصَرُّفُ فِعْلٌ وَاقِعٌ مِنْ الشَّخْصِ، وَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَكُونُ ثُبُوتُهُ سَبَبًا بِحُكْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ الْحُكْمِ فَالثَّابِتُ التَّصَرُّفُ، وَالْمَحْكُومُ بِهِ نَتِيجَتُهُ، وَهُمَا غَيْرَانِ، فَإِذَا أَطْلَقَ الْحَاكِمُ الْعِبَارَةَ فِي إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى النَّائِبِ، أَوْ كَنَّاهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْحُكْمُ بِأَمْرِهِ وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ
فَإِذَا صَرَّحَ بِالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ كَانَ أَصَحَّ وَأَبْيَنَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحُكْمَ بِالْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِ الثُّبُوتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ السَّمَاعِ مِنْ قَاضٍ إلَى قَاضٍ آخَرَ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُجْمَعْ بَيْنَ لَفْظَتَيْ الْحُكْمِ وَالثُّبُوتِ: أَمَّا هُنَا فَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ، وَالْحُكْمَ بِمُوجَبِهِ مُتَقَارِبَانِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُوجَبُهُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمُوجَبِ فِيمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُقِرِّ وَالْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ كَذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ الْحُكْمَ بِمُوجَبِهِ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالْحُكْمِ مِنْ الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ لَك أَنْ نَقُولَ: إنَّ الْحُكْمَ بِالْبَيْعِ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ فَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُوجَبِ وَلَكِنْ حَيْثُ تَثْبُتُ الصِّحَّةُ يَثْبُتُ الْمُوجَبُ وَلَا يَنْعَكِسُ فَقَدَّرْنَا الْمُوجَبَ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ وَلَمْ نُقَدِّرْ الصِّحَّةَ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.
فَإِنْ قُلْت: فَمَا جَوَابُكُمْ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ؟ قُلْت مِنْ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) : أَنَّ الرَّافِعِيَّ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست