responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 37
لَا عُمُومَ لَهُ لَكِنَّهُ نَعْتٌ بِاَلَّذِينَ آمَنُوا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَعْتِهِ بِالْعَامِ أَنْ يَكُونَ عَامًّا بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ " عَلَى الْأَحْرَارِ " تَقْيِيدًا لَا تَخْصِيصًا بَلْ أَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ تَقْيِيدًا أَيْضًا بَلْ لِبَيَانِ الْمُخَاطَبِ مَنْ هُوَ وَكَذَلِكَ يُصْرَفُ بِأَيِّ قَرِينَةٍ اتَّفَقَ وَلَا يُسَمَّى تَخْصِيصًا كَمَا تَقُولُ " هَذَا " مُشِيرًا إلَى شَخْصٍ فَيُعْرَفُ بِالْإِشَارَةِ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِك " هَذَا " وَلَا يُسَمَّى تَخْصِيصًا وَلَا تَقْيِيدًا. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ مَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَى بَابِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ حَتَّى يُدْعَى تَعْمِيمُ النَّكِرَةِ بِعُمُومِ صِفَتِهَا؛ كَمَا يَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ شَرْطًا بِمُقْتَضَاهُ، وَهَذَا الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالْمَقْصُودِ بِالنِّدَاءِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا دَلَالَةَ لِلَّفْظِ عَلَيْهِ بَلْ لِمَا تَدُلُّ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ، فَلَا جَرَمَ امْتَنَعَ دَعْوَى الْعُمُومِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ الْمِلْكِ فِي الْمَخْلُوقِ، بِخِلَافِ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ. وَإِنَّمَا تَمْتَنِعُ التَّسْمِيَةُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمَعْنَى صَحَّ الِاشْتِقَاقُ، فَإِنَّ تَحَقُّقَ النَّقْلِ الَّذِي قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَانِعًا مِنْ الِاسْتِدْلَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: 52] قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَلَمَّا عَلِمَ مِنْهُمْ الْكُفْرَ عِلْمًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ بِعِلْمِ مَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ قُلْت هَذَا وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ الْعِلْمَ الْحِسِّيَّ أَجْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا ابْتَدَأَ عِلْمُهُ وَشُعُورُهُ بِكُفْرِهِمْ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحِسَّ طَرِيقُ الْعِلْمِ وَمَبْدَؤُهُ، فَهُمَا وَجْهَانِ مِنْ الْمَجَازِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْإِحْسَاسِ عَنْ الْعِلْمِ سَائِغَانِ، وَالثَّانِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْعُرْفِ كَثِيرًا وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْأَكْثَرُ فِي " أَحَسَّ " اسْتِعْمَالُهُ هَكَذَا رُبَاعِيًّا وَلَمْ يَبْنُوا مِنْهُ اسْمَ مَفْعُولٍ. وَقَوْلُ النَّاسِ " مَحْسُوسَاتٌ " يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْهُ جَاءَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ الثُّلَاثِيِّ أَلَا تَرَاك تَقُولُ الْحَاسَّةُ فَالْمَحْسُوسَاتُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْهَا وَمَعْنَاهُ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَإِدْرَاكُ الْحَوَاسِّ طَرِيقٌ فِي الْعِلْمِ الْوَاصِلِ إلَى الْقَلْبِ لَا نَفْسِ الْعِلْمِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ وَقَوْلُهُمْ أَحَسَّ مَعْنَاهُ عَلِمَ بِقَلْبِهِ عِلْمًا مُسْنَدًا إلَى الْحِسِّ فَهُوَ مَعْنَى غَيْرُ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَبْنُوا مِنْهُ اسْمَ مَفْعُولٍ لِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهُ فَافْهَمْ هَذَا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَعْرِفُهُ وَهُوَ مِمَّا أَبْرَزَتْهُ الْقَرِيحَةُ بِالْفِكْرِ وَتَأَمُّلِ الْكَلَامِ.

قَوْلُهُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست