responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 368
[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِدَيْنٍ وَمَاتَ، وَالْوَارِثُ الْمَذْكُورُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَادَّعَى الْمُوصَى لَهُ بِالدَّيْنِ فَطَلَبَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ يَمِينَهُ، وَهُوَ بَالِغٌ أَعْنِي الْمُقَرُّ لَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ، وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ مِنْ غَيْرِ يَمِينِهِ، وَإِذَا نَكَلَ هَلْ يَكُونُ الْمَبْلَغُ لَهُ؟
(أَجَابَ) يَلْزَمُ الْمُقَرَّ لَهُ يَمِينٌ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينِهِ، وَإِنْ نَكَلَ وَقَفَ الْحُكْمُ إلَى أَنْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَإِذَا انْفَكَّ حَلَفَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَبَرِئَ مُوَرِّثُهُمْ وَاقْتَسَمُوا الْمَوْقُوفَ لِدَيْنِهِ مِيرَاثَهُمْ، وَالْمُقَرُّ لَهُ الْوَارِثُ وَلَا يَحْلِفُونَ فِي مُدَّةِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَإِقْرَارُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ لَا يُقْبَلُ.

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَقَفَتْ دَارًا - ذَكَرَتْ أَنَّهَا بِيَدِهَا وَمِلْكِهَا وَتَصَرُّفِهَا - عَلَى وَلَدِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَشَرَطَتْ النَّظَرَ لِنَفْسِهَا ثُمَّ لِوَلَدِهَا الْمَذْكُورِ وَأَشْهَدَ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُكْمِ بِمُوجِبِ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ وَبِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَبِالْحُكْمِ بِهِ وَبَعْدَهُ شَافِعِيٌّ آخَرُ، وَثَبَتَ أَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ إنْشَاءُ الْمُقِرَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَنَّهُ لَمْ تَزَلْ فِي يَدِهَا إلَى حِينِ وَفَاتِهَا مِنْ حِينِ أَنْشَأَتْهَا فَأَرَادَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ إبْطَالَ هَذَا الْوَقْفِ بِمُقْتَضَى شَرْطِهَا النَّظَرَ لِنَفْسِهَا وَاسْتِمْرَارِ يَدِهَا عَلَيْهَا، وَبِمُقْتَضَى كَوْنِ الْحَاكِمِ بِصِحَّتِهِ، وَإِنَّ حُكْمَهُ بِالْمُوجِبِ لَا يَمْنَعُ النَّقْضَ.
وَأَفْتَاهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِذَلِكَ تَعَلُّقًا بِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْهَرَوِيِّ فِي قَوْلِ الْحَاكِمِ صَحَّ، وَوَرَدَ هَذَا الْكِتَابُ عَلَيَّ فَقَبِلْته قَبُولَ مِثْلِهِ وَأَلْزَمْت الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمِ وَتَصْوِيبِ الرَّافِعِيِّ ذَلِكَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْحُكْمُ بِمُوجَبِ الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ هُنَا زِيَادَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ الْحُكْمُ بِهِ يَمْنَعُ مِنْ النَّقْضِ تَعَلُّقًا بِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَأَنَّ هَذَا الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الْوَقْفِ وَوَافَقَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا وَقَارَبَهُ.
وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَمْ لَا، وَالْكَلَامُ فِي فَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ لَفْظِ الْحَاكِمِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ الْحُكْمِ بِهِ لَيْسَ عَائِدًا عَلَى الْوَقْفِ وَلَا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ أُمُورًا: أَظْهَرُهَا الْإِقْرَارُ، وَثَانِيهَا مُوجَبُ الْإِقْرَارِ.
وَثَالِثُهَا الثُّبُوتُ، وَإِنَّمَا رَجَّحْنَا الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: بِثُبُوتِ ذَلِكَ لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الثَّابِتُ عِنْدَهُ لَا الْمُوجَبُ وَلَا الْوَقْفُ، وَإِذَا صَحَّ أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ لِلْإِقْرَارِ فَالضَّمِيرُ فِي الْحُكْمِ بِهِ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا الْحَاكِمُ قَدْ حَكَمَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 368
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست