responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 361
الْحَالَةِ لَيْسَ يُبْعِدُهُ لَفْظُ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الِانْفِكَاكِ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ ظَنُّهُ مَا أَسْلَفَهُ فِي مَسْأَلَةِ الضَّمَانِ، وَكُلُّ هَذَا إنَّمَا أَوْجَبَهُ لَهُ عَدَمُ وُقُوفِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّتِمَّةِ فَهِيَ تُبْطِلُ هَذَا كُلَّهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَظِيمَةٌ قَاعِدَةٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ إلَى الْآنَ لَمْ أَرَهَا فِي غَيْرِ التَّتِمَّةِ، وَلَا رَأَيْت مَا يُخَالِفُهَا بَلْ تَوَهُّمَاتٌ فِي الْأَذْهَانِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ، فَإِنْ قُلْت: إذْنُهُ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ مَحْمُولٌ عَلَى إذْنِهِ فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ فِي نَصِيبِهِ غَيْرُ لَاغٍ. قُلْت: لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذْنُهُ فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ مَحْمُولٌ عَلَى رَهْنِهِ وَحْدَهُ، وَإِذْنُهُ فِي رَهْنِ جَمِيعِهِ مَعْنَاهُ الْإِذْنُ فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ مَعَ الْبَاقِي، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْأَوَّلِ الْإِذْنُ فِي الثَّانِي لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا.
فَإِنْ قُلْت: فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَقْطَعُوا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِعَدَمِ الِانْفِكَاكِ كَمَا أَوْمَأْتُمْ إلَيْهِ مِنْ الْقَطْعِ بِمُطَالَبَةِ أَحَدِ الضَّامِنَيْنِ بِالْجَمِيعِ، وَحَيْثُ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ لَزِمَ فَسَادُ مَا أَوْمَأْتُمْ إلَيْهِ مِنْ الْقَطْعِ فِي مَسْأَلَةِ الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ مَسْأَلَةَ الْأَصْحَابِ الَّتِي صَحَّحُوا فِيهَا الِانْفِكَاكَ لَزِمَ فَسَادُ الْقَوْلِ الَّذِي حَاوَلْتُمُوهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَثَبَتَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ كُلُّ ضَامِنٍ إلَّا بِقِسْطِهِ. قُلْت: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَازِمًا لَنَا، وَلَا وَارِدًا عَلَيْنَا بِالْجُمْلَةِ أَمَّا نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى قَوْلَيْنِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مِنْهُمَا مَأْخَذُهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَعَدِّدَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْحُكْمِ أَمَّا تَعَدُّدُهَا فَنَظَرًا إلَى الْمَالِكَيْنِ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَاقِدُ كَمَا يَقُولُ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، أَمَّا اخْتِلَافُ حُكْمِهِمَا فَلِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ عَلَى دَيْنِ الْغَيْرِ يُخَالِفُ حُكْمَ الرَّهْنِ عَلَى دَيْنِ نَفْسِهِ فَالْتَحَقَ بِمَا لَوْ رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدًا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا فَلَا يَتَوَقَّفُ انْفِكَاكُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ لَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافُ حُكْمٍ، وَإِنَّمَا فِيهَا تَعَدُّدٌ مَحْضٌ. فَإِنْ قُلْت: لَعَلَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ، وَالثَّانِي مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ فَيَكُونُ عَلَى عَكْسِ مَا أَرَدْتُمْ، وَأَقْوَى فِي الرَّدِّ عَلَيْكُمْ.
قُلْت: يَمْنَعُ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي نَقَلَهَا صَاحِبُ التَّتِمَّةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ أَوْلَى، فَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى مَأْخَذٍ سَلَكْنَاهُ، وَرَتَّبْنَا عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ، وَلْيَكُنْ دَأْبُك يَا أَخِي أَنَّك إذَا رَأَيْت مَسْأَلَةً فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَفَهِمْت مَأْخَذَهَا لَا تَجْزِمْ بِهَا حَتَّى تُحِيطَ عِلْمًا بِنَظَائِرِهَا، وَمَا يُشَابِهُهَا، أَوْ يَشْتَرِكُ مَعَهَا فِي شَيْءٍ مَا، وَكَلَامَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ يَتَّفِقُ، أَوْ يَخْتَلِفُ، فَإِنْ اتَّفَقَ الْكُلُّ فِي مَأْخَذٍ فَاسْلُكْهُ ثُمَّ اعْرِضْهُ عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنْ شَهِدْت بِصِحَّتِهِ فَذَلِكَ هُوَ الْغَايَةُ، وَحِينَئِذٍ اعْتَمِدْ تِلْكَ الْمَسَائِلَ، وَالْمَآخِذَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ، وَكَرِّرْ النَّظَرَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَك الْحَقُّ، وَمِنْ أَيْنَ جَاءَ الْخَلَلُ هَلْ مِنْ بَعْضِ الْمَسَائِلِ، أَوْ مِنْ الْمَأْخَذِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا.
وَهَذَا دُرٌّ مِنْ الْكَلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ الْفَقِيهُ لِأَمْثَالِهِ فِي نَظَرِهِ فِي الْفِقْهِ. وَأَمَّا كَوْنُهَا فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْحَابِ الَّتِي صَحَّحُوا فِيهَا الِانْفِكَاكَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست