responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 332
كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا مِلْكُ زَيْدٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مِلْكُ عَمْرٍو هَلْ تَتَعَارَضَانِ؟ ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّا إنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْمِلْكِ الْقَدِيمِ فَيَتَعَارَضَانِ، وَهَذَا مِثْلُهُ، وَمَأْخَذُهُ أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ يَسْتَصْحِبُ حُكْمَهُ إلَى الْآنَ مَا لَمْ يُعْلَمْ زَوَالُهُ فَالسَّبَبُ الَّذِي ثَبَتَ بَيِّنَةَ السَّفَهِ حُصُولُهُ فِي وَقْتٍ مُتَقَدِّمٍ يَسْتَصْحِبُ حُكْمَهُ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ بِزَوَالِهِ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ، وَيَثْبُتُ الرُّشْدُ.
وَالْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ السَّفَهِ لَا وَجْهَ لَهُ، وَقَوْلُك: وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَاحِقًا بَعْدَ الرُّشْدِ فَلَا يَنْعَطِفُ عَلَى الْمَاضِي، وَيُعَادُ الْحَجْرُ مِنْ الْآنِ صَحِيحٌ، وَلَا يَجِيءُ هُنَا اسْتِصْحَابُ الرُّشْدِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الطَّارِئَ يَرْفَعُهُ فَالشَّاهِدُ يَرْفَعُهُ مَعَ زِيَادَةِ عِلْمٍ، وَقَوْلُك: وَإِنْ ثَبَتَ سَبَبًا مُقَارِنًا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ثَبَاتَ السَّبَبِ الْمُقَارِنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مَحْسُوسًا مُقَارِنًا لِزَمَانِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِالرُّشْدِ، وَالْمَحْسُوسُ لَا يَكُونُ مُسْتَنَدُهُ الِاسْتِصْحَابَ فَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ إلَّا تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ السَّفَهِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ، وَلَكِنَّ صُورَتَهُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِثْلُ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَتَشْهَدُ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، أَوْ يَصْرِفُ الْمَالَ فِي الْحَرَامِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ السَّفَهَ، وَأَمَّا إذَا قَبِلْنَاهَا مُطْلَقَةً فَاَلَّذِي بَحَثَهُ الْوَلَدُ صَحِيحٌ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيه فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مُتَجَاوِرَةٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ التَّفْلِيسِ إحْدَاهَا فِيمَنْ عَلِمَ يَسَارَ شَخْصٍ فِي زَمَانٍ مُتَقَادِمٍ هَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ الْآنَ بِيَسَارِهِ، وَهَلْ يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ عَنْ كَوْنِهِ مُوسِرًا حَالَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَعَلَيْهِ الشَّهَادَةُ كَذَلِكَ.
أَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ الْآنَ بِيَسَارِهِ مُعْتَمِدًا عَلَى الِاسْتِصْحَابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ طَرَأَ مَا أَوْجَبَ اعْتِقَادَهُ بِزَوَالِهِ، أَوْ جَعَلَهُ فِي صُورَةِ التَّشْكِيكِ فِي بَقَائِهِ، وَزَوَالِهِ. وَالِاعْتِمَادُ فِي هَذَا عَلَى الِاسْتِصْحَابِ السَّالِمِ عَنْ طَارِئٍ فَحَدَثُهُ كَالِاعْتِمَادِ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْمِلْكِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ كَمَا هُنَالِكَ، وَمَا عُلِّلَ بِهِ ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا الِاسْتِصْحَابُ فِي الْبَاطِنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الِاسْتِصْحَابِ مَوْجُودٌ هُنَا. قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ مِنْ كَلَامِهِمْ عَلَى جَرَيَانِهِ فِي نَظَائِرِهِ قَوْلُهُمْ فِي الْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ فِي الدَّيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الِابْنَيْنِ الْمُسْلِمِ، وَالنَّصْرَانِيِّ، وَفِي غَيْرِهَا: إنَّهَا تُرَجَّحُ عَلَى الْمَنْفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا اعْتَمَدَتْ عَلَى زِيَادَةِ عِلْمٍ، وَالْأُخْرَى رُبَّمَا اعْتَمَدَتْ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ، وَهَذَا تَجْوِيزٌ مِنْهُمْ لِذَلِكَ، وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ فِيهَا لَا مِنْ قَبِيلِ التَّرْجِيحِ بَلْ يَكْتَفِي الْحَاكِمُ بِالشَّهَادَةِ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ الْحَالُ، فَإِنْ أَحْوَجَهُ إلَى ذِكْرِ الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ فَلَهُ أَنْ يُشْهِدَ لِذَلِكَ مُعْتَمِدًا عَلَى الِاسْتِصْحَابِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْصِحَ بِذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الدَّيْنِ بِمَا شَمِلَ الْحَالَ الْحَاضِرَةَ. كَذَا رَأَيْته فِي الْفَتَاوَى، وَفِيهِ خَلَلٌ يَسِيرٌ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست