responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 330
أَنَّ فِيهِ مَفْسَدَةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ السَّبَبَ فِي الْمَفْسَدَةِ فَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ مَفْسَدَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاعْلَمْ أَنَّى مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ مَنَعَنِي مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الْمُعَامَلَةِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَيْضًا نَافِعٌ لِي مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّ تَرْكَهَا أَوْلَى مُطْلَقًا بَلْ أَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْوَلِيِّ، وَدِينِهِ، وَعِلْمِهِ، وَيَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا بِحَسَبِ الْجُزْئِيَّاتِ لَا يَنْضَبِطُ فَعَلَيْهِ التَّحَرِّي، فَإِذَا كَانَ مَالُ الْيَتِيمِ مَالًا كَثِيرًا، وَلَا يُؤَدِّي تَرْكُ الْمُعَامَلَةِ إلَى إجْحَافٍ بِهِ فَهَهُنَا يُسْتَحَبُّ، أَوْ يَجِبُ تَرْكُ الْمُعَامَلَةِ، وَإِذَا كَانَ مَالُهُ قَلِيلًا، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَامِلْ لَهُ فِيهِ لَنَفِدَ، وَضَاعَ الْيَتِيمُ، وَوَجَدْنَا مُعَامَلَةً مَأْمُونَةً سَرِيعَةً فَهَهُنَا تُسْتَحَبُّ الْمُعَامَلَةُ، أَوْ تَجِبُ، وَيُحْتَمَلُ انْسِيَابُ الشُّبْهَةِ فِي مُقَابَلَةِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَا يُسْتَنْكَرُ ذَلِكَ، وَأَنَا أَضْرِبُ لَك فِي ذَلِكَ مَثَلًا: أَكْلُ الْمُضْطَرِّ الْمَيْتَةَ وَاجِبٌ فَسَاغَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْمَيْتَةِ الْمَقْطُوعِ بِتَحْرِيمِهَا فِي حَالِ الرَّفَاهِيَةِ حِفْظًا لِلْمَنِيَّةِ، فَإِذَا حَصَلَتْ حَاجَةٌ دُونَ الضَّرُورَةِ إلَى تَنَاوُلِ الشُّبْهَةِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُسْتَحَبَّ التَّنَاوُلُ، وَيَحْصُلَ دَفْعُ تِلْكَ الْحَاجَةِ بِنُمُوٍّ عَلَى مَصْلَحَةِ دَفْعِ الشُّبْهَةِ، مِثَالُهُ: إذَا كَانَ عِنْدَ الشَّخْصِ عِيَالٌ، وَعَلِمَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ لَهُمْ مَالًا مِنْ شُبْهَةٍ لَضَاعُوا، وَمُؤْنَةُ الْعِيَالِ وَاجِبَةٌ فَهَهُنَا يَظْهَرُ أَنْ نَقُولَ بِتَرَجُّحِ حِفْظِهِ مَصْلَحَةَ الْعِيَالِ، وَهِيَ مَأْمُورٌ بِهَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ عَلَى التَّنَزُّهِ عَنْ الشُّبُهَاتِ كَذَلِكَ الْيَتِيمُ كَالْعِيَالِ، وَيُحْتَمَلُ لِأَجْلِ ضَرُورَتِهِ، أَوْ حَاجَتِهِ ارْتِكَابُ الشُّبْهَةِ، وَيُعْذَرُ فِيهَا شَرْعًا، وَيَنْهَضُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ارْتِكَابُهَا أَوْلَى فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ اجْتِنَابِهَا، وَهَذِهِ أُمُورٌ لَا يُدْرِكُهَا إلَّا مَنْ يَنْظُرُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَسَلِمَ مِنْ الْغَرَضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كَتَبَ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ: وَقَدْ نَشَأَ مِنْ هَذَا أَنِّي لَا أَمْنَعُ مِنْ الْمُعَامَلَةِ، وَلَا آمُرُ بِهَا غَيْرِي، أَمَّا أَنَا إذَا طُلِبَتْ مِنِّي فَأَرْجُو أَنْ أَجْتَهِدَ رَأْيِي فِيهَا، وَأَفْعَلَ مَا يُوَفِّقُنِي اللَّهُ تَعَالَى لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَكَتَبَ فِي تَارِيخِهِ. (مَسْأَلَةٌ) : كَتَبَ إلَيَّ ابْنِي بَارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ قَالَ: وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ فِي امْرَأَةٍ سَفِيهَةٍ تَحْتَ الْحَجْرِ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهَا ثُمَّ حَضَرَ وَصِيُّهَا فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِسَفَهِهَا فَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ السَّفَهِ؟ وَكَتَبَ جَمَاعَةٌ عَلَيْهَا بِأَنْ نُقَدِّمَ بَيِّنَةَ السَّفَهِ، وَيُعَادَ الْحَجْرُ عَلَيْهَا، وَخَالَفَهُمْ الْمَمْلُوكُ فِي ذَلِكَ، وَقُلْت لَهُمْ: إنَّ بَيِّنَةَ السَّفَهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا مُفَسَّرَةً؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةُ جَرْحٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفَاتِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ نُبَيِّنَ السَّفَهَ، فَإِنْ كَانَ سَبَبًا سَابِقًا عَلَى وَقْتِ شَهَادَةِ الرُّشْدِ فَلَا تَعَارُضَ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَاحِقًا بَعْدَ الرُّشْدِ فَلَا يَنْعَطِفُ عَلَى الْمَاضِي، وَيُعَادُ الْحَجْرُ مِنْ الْآنَ، وَأَنْ يَثْبُتَ سَبَبًا مُقَارِنًا، أَوْ قَبِلْنَاهَا مُطْلَقَةً، وَشَهِدَتْ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي وَقَعَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالرُّشْدِ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ الرُّشْدِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ.
وَبَيِّنَةُ السَّفَهِ قَدْ تَكُونُ اسْتِصْحَابَ الْأَصْلَ كَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ زَيْدًا النَّصْرَانِيَّ مَاتَ مُسْلِمًا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست