responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 33
الْوُجُودِ عَنْهُمَا، وَلِنُبَيِّنَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا يُذْكَرُ لِنَفْيِ الْوُجُودِ ثَلَاثٌ صُوَرٍ أُخَرُ إحْدَاهَا وَهِيَ الرَّابِعَةُ أَنْ تَقُولَ وَقْتٌ لَا هَذَا وَوَقْتٌ لَا هَذَا فَيُفِيدُ كُلًّا مِنْ الْعَزْمَيْنِ كَالصُّورَةِ الْأُولَى.
الْخَامِسَةُ: أَنْ تَقُولَ وَقْتٌ لَا هَذَا وَلَا هَذَا فَهِيَ كَالثَّانِيَةِ.
السَّادِسَةُ: أَنْ تَقُولَ وَقْتٌ لَا هَذَا وَهَذَا فَمَعْنَاهُ سَلْبُ الْوُجُودِ عَنْهُمَا وَحَقِيقَتُهُ عَنْ مَجْمُوعِهِمَا لِأَنَّهُ وُجُودٌ وَاحِدٌ مَنْسُوبٌ إلَيْهِمَا. كَمَا كَانَ الْعَدَمُ هُنَاكَ وَاحِدًا مَنْسُوبًا إلَيْهِمَا فَسَلْبُهُ يَقْتَضِي السَّلْبَ لِذَلِكَ الْوُجُودِ الْوَاحِدِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِمَا فَقَطْ، وَلَا يَقْتَضِي سَلْبَ الْوُجُودِ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِنَا لَمْ يُوجَدَا وَقَوْلِنَا عَدَمًا فَالْأَوَّلُ لَا يَقْتَضِي انْتِفَاءَ كُلِّ فَرْدٍ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَدَمَ فِي الثَّانِيَةِ مُسْنَدٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ حُكِمَ بِهِ فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْوُجُودُ فِي الْأُولَى مُسْنَدٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ نُفِيَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفِيهِ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفِيهِ عَنْ أَحَدِهِمَا، لِأَنَّ هَذَا سَلْبُ الْعُمُومِ لَا عُمُومُ السَّلْبِ. فَافْهَمْ ذَلِكَ.
وَلَفْظُ الِانْتِفَاءِ كَلَفْظِ الْعَدَمِ؛ فَإِذَا قُلْت انْتَفَيَا كَانَ كَقَوْلِك عَدِمَا. وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك لَمْ يُوجَدَا؛ وَهَذَا يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مُتَعَدِّدٍ وَفِي جَمِيعِ الْأَعْدَادِ كَالْعَشَرَةِ وَالْمِائَةِ وَالْأَلْفِ وَمَا نَقَصَ عَنْهَا وَمَا زَادَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ لَهُ حَقِيقَةٌ مَجْمُوعَةٌ فَيُسَاوِي مِنْهُ قَوْلُك لَمْ يُوجَدْ وَقَوْلُك عَدَمٌ يُشِيرُ إلَى تِلْكَ الْحَقِيقَةِ دُونَ أَفْرَادِهَا، وَقَدْ يُتَخَيَّلُ فِي الْعَشَرَةِ وَالْمِائَةِ وَالْأَلْفِ وَهَذَا الْمَعْنَى فَيُطْلَقُ عَدَمُهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِهَا. فَلَا يَحْمِلْك ذَلِكَ عَلَى إنْكَارِ مَا قُلْنَاهُ.
فَلِذَلِكَ نَبَّهْنَا عَلَيْهِ وَاحْتَرَزْنَا مِنْهُ وَهُوَ إطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ. وَالْحَقِيقِيُّ مَا قَدَّمْنَاهُ.
هَذَا كُلُّهُ إذَا أَسْنَدْت النَّفْيَ إلَى شَيْئَيْنِ أَوْ شَيْءٍ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ أَوْ الْجَمْعِ أَوْ إلَى شَيْءٍ وَعَطَفْت عَلَيْهِ غَيْرَهُ بِالْوَاوِ. أَمَّا إذَا عَطَفْت بِأَوْ فَقُلْت: لَمْ يُوجَدْ هَذَا أَوْ هَذَا إذَا لَمْ يَعُدْ حَرْفُ النَّفْيِ فَالْمَعْنَى لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَمْ يُوجَدْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا؛ فَكَذَلِكَ قَوْلُك لَا تَضْرِبْ هَذَا أَوْ هَذَا وَلَا تُعْطِ هَذَا أَوْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَلَوْ أَعَدْت حَرْفَ النَّفْيِ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى تَرْدِيدًا بَيْنَ النَّفِيَّيْنِ هَلْ انْتَفَى هَذَا أَوْ انْتَفَى هَذَا.
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ الْوَاوِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَيْهَا أَلْفُ الِاسْتِفْهَامِ وَلَوْ قُلْت أَوْ لَا تُطِعْ كَفُورًا انْقَلَبَ الْمَعْنَى. قِيلَ يَعْنِي أَنَّهُ يَصِيرُ إضْرَابًا؛ كَأَنَّهُ تَرَكَ النَّهْيَ عَنْ اتِّبَاعِ الْآثِمِ وَأَضْرَبَ عَنْهُ وَنَهَى عَنْ طَاعَةِ الْكَفُورِ فَقَطْ. وَهَذَا التَّفْسِيرُ لِكَلَامِ سِيبَوَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ طَاعَةَ هَذَا أَوْ طَاعَةَ هَذَا، وَأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. فَهَذَا الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست