responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 319
لَا نَقْضِي لِهَذَا الْمُدَّعِي الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ يَدٌ، وَإِنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا كَانَ لِذِي الْيَدِ لِأَجْلِ تَرْجِيحِ بَيِّنَتِهِ بِيَدِهِ.
وَمِنْ هُنَا تَبَيَّنَ لَك أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْبَيْعِ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَلَا نَحْكُمُ بِبُطْلَانِهِ؛ لِأَنَّ تَعَارُضَ الْبَيِّنَتَيْنِ خَالٍ عَنْ التَّرْجِيحِ فَيَبْقَى الْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّا لَوْ عَلِمْنَا بِذَلِكَ لَكَانَ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَتَرْجِيحًا لَهَا، وَالْمُقَدَّرُ خِلَافُهُ، وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ بَيْعًا بِلَا مَصْلَحَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْجَدِّ صُدِّقَا بِيَمِينِهِمَا، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَصِيِّ صُدِّقَ الصَّبِيُّ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْوَصِيِّ بَيِّنَةٌ.
وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهِ، وَصَغَى أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إلَى هَذَا، وَأَمِينُ الْحَاكِمِ كَالْوَصِيِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَالْحَاكِمُ نَفْسُهُ يَقْبَلُ قَوْلَهُ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ: إنَّ قَوْلَ الْحَاكِمِ فِي الرَّدِّ مَقْبُولٌ فَلْيَكُنْ هَذَا مِثْلَهُ أَيْضًا، فَإِنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ، أَمَّا نَائِبُهُ فَقِسْمَانِ أَحَدُهُمَا الْمَنْصُوبُ مُطْلَقًا.
وَهُوَ الْمُسَمَّى بِأَمِينِ الْحَاكِمِ، وَنَاظِرِ الْأَيْتَامِ فَهَذَا مَنْصُوبٌ لِمَصْلَحَةِ الْأَيْتَامِ فَعَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ يَأْذَنُ لَهُ فِي بَيْعٍ مُعَيَّنٍ كَمَسْأَلَتِنَا فَهَذَا كَالْوَكِيلِ عَنْ الْحَاكِمِ، وَقَوْلُهُ كَفِعْلِ الْحَاكِمِ إذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ الْحُكْمَ فِيمَا إذَا رَفَعَ بَيْعُهُمْ الْعَقَارَ إلَى الْحَاكِمِ كَذَلِكَ فَلَا يُمْضِي عَلَى الْأَصَحِّ غَيْرَ الْأَبِ، وَالْجَدِّ مِنْ غَيْر أَنْ يَسْأَلَ، وَأَرَادَ بِغَيْرِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ الْوَصِيَّ، وَأَمِينَ الْحَاكِمِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُمْضِي بَيْعَهُمَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْغِبْطَةِ، أَوْ الضَّرُورَةِ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ إبْطَالٍ فَصَحِيحٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُبْطِلُهُ فَمَمْنُوعٌ بَلْ يَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ، وَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجِبُ مُرَاجَعَتُهُ فِيهِ، وَلَمْ يُرَاجَعْ، وَقَدْ أَشَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْحَابِ فِي الْعَقَارِ الْغِبْطَةُ، أَوْ الضَّرُورَةُ، وَعِبَارَةَ الرَّافِعِيِّ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الْعَقَارِ، وَغَيْرِهِ
لِلْمَصْلَحَةِ
، وَهِيَ فِي الْعَقَارِ يُمْكِنُ تَنْزِيلُهَا عَلَى الْأَمْرَيْنِ أَمَّا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ فَلَا يَشْتَرِكَانِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ الْمَصْلَحَةُ فَقَدْ تَكُونُ بَعْضُ الْأَعْيَانِ بَقَاؤُهَا أَصْلُحُ.
وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فَالرَّافِعِيُّ يَقُولُ إنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ الْمُسَوِّغَةِ لِلْبَيْعِ فِي الْكُلِّ كَمَا يَقُولُهُ غَيْرُهُ فِي الْعَقَارِ، وَفِيهِ عُسْرٌ، وَنَشَأَ لَنَا مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْ هَذَا إنْ رَأَيْت فِي بَيْعِهِ مَصْلَحَةً فَلَهُ بَيْعُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَى رَأْيِهِ، وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ إنْ كَانَ بَيْعُهُ مَصْلَحَةً فَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَصْلَحَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنْ كَانَ يُعَذَّرُ فِي نَفْيِ الْإِثْمِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست