responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 317
فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْبَيْعِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ جَائِزٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي صِفَتِهِ، وَدَعْوَى صِحَّتِهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي فَسَادَهُ.
وَلَقَدْ كُنْت أَسْتَشْكِلُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ فِي تَكْلِيفِ الْقَيِّمِ إثْبَاتَ الْمَصْلَحَةِ فِي الْعَقَارِ، وَغَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْوَكِيلِ حَتَّى ظَهَرَ لِي هَذَا الْمَعْنَى، وَغَيْرُ الرَّافِعِيِّ ذَكَرَ الْحَاجَةَ، وَالْغِبْطَةَ فِي الْعَقَارِ وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ الْمَصْلَحَةَ، وَأَطْلَقَ فِي الْعَقَارِ، وَفِي غَيْرِهِ، فَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَصْلَحَةِ عَلَى الْحَاجَةِ، أَوْ الْغِبْطَةِ، أَمَّا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ مُطْلَقُ الْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ الْإِبْقَاءَ، وَجَبَ الْإِبْقَاءُ، وَإِنْ اقْتَضَتْ الْبَيْعَ جَازَ الْبَيْعُ، وَالْقَيِّمُ مَنْصُوبٌ لِفِعْلِ الْمَصْلَحَةِ لَا لِلْبَيْعِ بِخُصُوصِهِ، وَمَأْذُونُ الْقَاضِي فِي بَيْعٍ يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ لَيْسَ مَنْصُوبًا لِلْمَصْلَحَةِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ إثْبَاتُهَا بَلْ ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ نَائِبُ الشَّرْعِ مُؤْتَمَنٌ فَهُوَ يُرَاعِي ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ حَسَبَ مَا يَظْهَرُ لَهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَا يَمِينٍ، وَالْقَيِّمُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْبَيِّنَةِ، أَوْ الْيَمِينِ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاحِ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَهُوَ حُكْمٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْ يَنْقُضَ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ، وَيَصِيرُ الْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بَعِيدًا، وَأَيْضًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.

(وَمِنْهَا) مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ إنَّهُ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَشَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ، وَهَذَا لَهُ مَأْخَذَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَقَلَّ مُتَيَقَّنٌ، وَالزَّائِدَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ بِالشَّكِّ، وَهَذَا الْمَأْخَذُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَا مُتَعَارِضَيْنِ فِي الزَّائِدِ، وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ وَقَعَ التَّعَارُضُ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا يُحْكَمُ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُنْقَضُ، وَالضَّابِطُ فِيهِ دَائِمًا لَا نَفْعَلُ شَيْئًا بِالشَّكِّ فَحَيْثُ تَحَقَّقْنَا أَقْدَمْنَا، وَحَيْثُ شَكَكْنَا أَحْجَمْنَا.
وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَخِرِ الدَّعَاوَى أَنَّ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْأَقَلِّ رُبَّمَا اطَّلَعَتْ عَلَى عَيْبٍ، وَهَذَا لَوْ تَحَقَّقْنَا كَانَ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالْحُكْمِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ هِيَ الْأَقَلُّ، وَعَلَى هَذَا سَوَاءٌ أَحَصَلَ التَّعَارُضُ قَبْلَ الْحُكْمِ أَمْ بَعْدَهُ لَا اعْتِبَارَ بِالزَّائِدِ بَلْ الْأَقَلُّ هُوَ الْقِيمَةُ، وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا حَيْثُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لِلْحَاجَةِ، أَوْ لِلْمَصْلَحَةِ النَّاجِزَةِ فِي الْبَيْعِ، وَلَا يُنْقَضُ.

(وَمِنْهَا) مَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَالْعَيْنُ فِي يَدِ ثَالِثٍ قَالَ: وَإِنَّمَا تَتَعَارَضُ الْبَيِّنَتَانِ إذَا تَقَابَلَتَا حِينَ التَّنَازُعِ، فَلَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِأَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَبْدًا فِي يَدِ خَالِدٍ فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَ زَيْدٌ الْبَيِّنَةَ، وَقُضِيَ لَهُ بِهِ، وَسُلِّمَ لَهُ ثُمَّ حَضَرَ عَمْرٌو، وَادَّعَاهُ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فَهَلْ تُعَارَضَ بَيِّنَةُ زَيْدٍ، وَبَيِّنَةُ عَمْرٍو مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعِيدَ بَيِّنَةُ زَيْدٍ الشَّهَادَةَ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا بِقَدِيمِ الْمِلْكِ، وَحَدِيثِهِ.
فَإِنْ قُلْنَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 317
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست