responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 312
الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زِيَادَةٍ غَيْرِ مَوْثُوقٍ بِهَا لَمْ تَثْبُتْ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ قَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهَا لِغَائِبٍ قَوِيٌّ، وَهُنَا لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا تَوَهُّمَ الزِّيَادَةِ، فَإِذَا جَازَ الْبَيْعُ مَعَ ظَنِّ الْبُطْلَانِ الْقَوِيِّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَلَأَنْ يَجُوزَ مَعَ الْوَهْمِ الضَّعِيفِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو إِسْحَاقَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُفَرَّعَةً عَلَى أَنَّهُ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ بِالْيَدِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَمَّا إذَا قُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْمِلْكِ، فَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِهِ وَبَيِّنَةُ الْغَائِبِ فَغَايَةُ الْأَمْرِ لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَأَقَامَهَا أَنْ يَتَعَارَضَا، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ، وَعَلَى هَذَا لَا اسْتِشْهَادَ بِهَا لَا فِي مَا قَصَدَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَلَا فِيمَا قَصَدْنَاهُ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَاهَا عَلَى مَا أَوْرَدَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ تَفْرِيعًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْيَدِ.
وَقَدْ يُنْكِرُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، وَلَا سِيَّمَا فِي نَظَائِرِهَا مِنْ التَّرِكَاتِ الْمُخَلَّفَةِ حَيْثُ يَكُونُ شُهُودٌ يَشْهَدُونَ بِأَعْيَانٍ مِنْهَا الْغَائِبُ، وَالْإِقْدَامُ عَلَى بَيْعِهَا صَعْبٌ، وَكُنْت أَوَدُّ لَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يُنَصِّبُ عَنْ الْغَائِبِ مَنْ يَدَّعِي لَهُ، وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ، وَيَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ، وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْفَظَ أَمْوَالَ الْغَائِبِينَ، وَهَذَا الطَّرِيقُ فِيهِ أَسْهَلُ مِنْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بُطْلَانُهُ، وَأَنَا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي ذَلِكَ، وَأَخْتَارُهُ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْته مُحْتَجًّا بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَنْ يَتَوَهَّمُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِيمَا قُلْنَاهُ فَمَا ظَنُّك بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَجَعَلْتهَا عُمْدَةً فِي الِاسْتِدْلَالِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى، وَإِنْ كُنْت لَا أُوَافِقُ عَلَيْهَا، وَأُفَرِّقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ فَرْقًا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ مَا أَقُولُهُ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ الْبَيْعِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَقِسْمَةُ عَيْنٍ يَشْهَدُ بِهَا عَدْلَانِ لِغَائِبٍ مِنْ غُرَمَائِهِمْ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُمْ فِيهِ خَطَرٌ لَا عِظَمُ مَحْذُورٍ.
ثُمَّ إنَّهُمْ قَطَعُوا فِيمَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِغَائِبٍ، وَقُلْنَا: إنَّهَا تُسْمَعُ لِانْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ إنَّهَا لَا تُسْمَعُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ حَتَّى لَا يُحْكَمَ لَهُ بِهَا، وَقَالُوا فِيمَا إذَا كَانَ لَك عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَطَالَبْته فَقَالَ: أَحَلْتُ عَلَى فُلَانٍ، وَفُلَانٌ غَائِبٌ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً هَلْ تَثْبُتُ الْحَوَالَةُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ إذَا قَدِمَ وَجْهَانِ فَلِمَ لَا يَأْتِي الْوَجْهَانِ هُنَا فِيمَا إذَا أَقَامَهَا الْحَاضِرُ لِانْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ، أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُفْلِسِ فَلَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا مُدَّعٍ هُنَاكَ لَا أَصْلًا، وَلَا تَبَعًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بِالْحَوَالَةِ شَهِدَتْ عَلَى الْمُحِيلِ شَهَادَةً صَحِيحَةً لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فَتَبِعَهَا ثُبُوتُ حَقِّ الْمُحْتَالِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَالشَّهَادَةُ بِمِلْكِ الْغَائِبِ عَلَيْهَا مَقْصُودُهَا بِالْوَضْعِ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ، وَانْصِرَافُ الْخُصُومَةِ تَبَعٌ فَلَا جُرْمَ سُمِعَتْ بَيِّنَةُ الْحَوَالَةِ فِي مَوْضِعِهَا.
وَاخْتُلِفَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست