responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 31
مَعْنَى أَنْ يَتَصَرَّفَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ صَحَّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ لِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ جِهَةً يَصِحُّ تَعْلِيقُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك؛ فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ حِينَئِذٍ إذَا أَرَادَ وَإِنَّمَا عِنْدَ الطَّلَاقِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ.
(تَنْبِيهٌ) نَقَلَ النُّحَاةُ فِي أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الشَّرْطِ مِمَّا هُوَ جَوَابٌ لَهُ فِي الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ جَوَابًا فِي الصِّنَاعَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْبَصْرِيِّينَ وَقِيلَ جَوَابٌ وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَغَيْرِهِ وَمِنْ الْفَارِقِينَ الْمَازِنِيُّ فَلَعَلَّ الْكِنْدِيَّ وَهَمَ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمَازِنِيِّ وَيَكُونُ مُرَادُ الْمَازِنِيِّ أَنَّهُ إذَا جَاءَ هَكَذَا يَكُونُ دَلِيلًا لَا جَوَابًا مَعَ تَقَيُّدِهِ بِزَمَنٍ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى.
وَأَمَّا عَدَمُ تَقَيُّدِهِ بِهِ كَمَا فَهِمَ الْكِنْدِيُّ فَمَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ. الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: قَوْله تَعَالَى {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236] قَالَ الْوَاحِدِيُّ عَنْ صَاحِبِ النَّظْمِ إنَّ " مَا " بِمَعْنَى اللَّاتِي أَيْ اللَّاتِي لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَالْحَقُّ أَنَّهَا ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ مَسِّكُمْ إيَّاهُنَّ وَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لَطَلَّقْتُمْ، أَيْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِخَبَرِ (لَا جُنَاحَ) فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ تَقْيِيدٌ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، فَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَا جُنَاحَ فِيهِ.
وَعَلَى الثَّانِي هُوَ تَخْصِيصٌ لِلْحُكْمِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا جُنَاحَ فِيهِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمَسِيسِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْأَوَّلِ تَقْيِيدٌ وَفِي الثَّانِي تَخْصِيصٌ لِأَنَّ (طَلَّقْتُمْ) مُطَلَّقٌ لَا عُمُومَ فِيهِ فَيَتَقَيَّدُ وَالثَّانِي عَامٌ لِأَجْلِ النَّفْيِ فَيُتَخَصَّصُ، وَأَيُّ الطَّرِيقِينَ أَرْجَحُ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ كَوْنُهُ مَعْمُولًا لَطَلَّقْتُمْ أَوْلَى لِلْقُرْبِ وَعَدَمِ الْفَصْلِ وَلِأَنَّ مَعْرِفَةَ مَحَلِّ الْحُكْمِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْلَى؛ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ كَوْنُهُ مَعْمُولًا لِخَبَرِ (لَا جُنَاحَ) أَوْلَى لِتَشَاكُلِهِ كُلِّهِ فِي الْعُمُومِ فَإِنَّ " مَا " عَامَّةٌ وَ " طَلَّقْتُمْ " مُطَلَّقٌ فَيَبْعُدُ مَجِيئُهَا مَعَهُ.
وَالْأَنْسَبُ لَهُ أَنْ يُقَالَ: وَقْتُ عَدَمِ مَسِّهِنَّ إنْ لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا عُمُومَ فِيهِ صَرِيحًا، نَعَمْ فِي الشَّرْطِ شَبَهُ الْعُمُومِ فَيَحْسُنُ مَجِيئُهَا مَعَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَك: أَكْرَمْتُك مَا دَامَ كَذَا مُسْتَنْكَرٌ، وَلَأُكْرِمَنَّكَ مَا دَامَ كَذَا غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ لِحُسْنِ الْعُمُومِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَفْسِيرُنَا {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236] بِوَقْتِ عَدَمِ الْمَسِّ نَظَرَ إلَى أَصْلِ مَعْنَى الْمَصْدَرِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ.
فَإِنَّ وَقْتَ عَدَمِ الْمَسِّ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ؛ وَوَقْتُ لَمْ يَمَسَّ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَعَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَمْ تَمَسَّ مِنْ الْمُضِيِّ؛ وَهَذَا الْمَوْضِعُ قَدْ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ وَلَكِنْ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى يَظْهَرُ أَثَرُهُ. كَقَوْلِك: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أَضْرِبْك فَإِنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا عَلَى الْفَوْرِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست