responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 274
وَلَمْ يَرِدْ فِيهَا نَهْيٌ وَلَا فِيهَا مَعْنَى مَا نُهِيَ عَنْهُ لَا فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهَا فِيهِمَا بَاطِلًا.
وَلَمَّا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْكَعْبَةَ وَالْمَسَاجِدَ أَطْلَقُوا وَلَا شَكَّ أَنَّ أَفْضَلَ الْمَسَاجِدِ ثَلَاثَةٌ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَمَسْجِدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ التَّحْلِيَةِ وَالْقَنَادِيلِ الذَّهَبِيَّةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَقُولُ بِهَا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَمَنْ يَقُولُ بِالْمَنْعِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لَمْ يُصَرِّحُوا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ بِشَيْءٍ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ مُحْتَمِلٌ لَهَا وَعُمُومَ كَلَامِهِمْ يَشْمَلُهَا. وَكَلَامِي هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَلْ يَعُمُّ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّ الْكَعْبَةَ غَيْرُ الْمَسْجِدِ الْمُحِيطِ بِهَا فَصَارَ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَاجِدِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَيْهَا.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَتَّبَ الْخِلَافُ فَيُقَالُ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَمَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَالْمَسْجِدَانِ مَسْجِدُ مَكَّةَ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ أَوْلَى مِنْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْجَوَازِ ثُمَّ الْمَسْجِدَانِ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فَمَالِكٌ يَقُولُ: الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ فَيَكُونُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ: مَكَّةُ أَفْضَلُ فَقَدْ يَقُولُ: إنَّ مَسْجِدَهَا أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَقَدْ يَقُولُ: إنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ يَنْضَافُ إلَيْهِ مُجَاوَرَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَصَدَ تَعْظِيمَهُ بِمَا فِي مَسْجِدِهِ مِنْ الْحِلْيَةِ وَالْقَنَادِيلِ.
وَهَذِهِ كُلُّهَا مَبَاحِثُ وَالْمَنْقُولُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَذْهَبِنَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْفَرْقَ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ إنَّ سِتْرَ الْكَعْبَةِ وَتَطْيِيبَهَا مِنْ الْقُرُبَاتِ صَحِيحٌ الْآنَ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَأَنَّ السُّتْرَةَ صَارَتْ وَاجِبَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، وَأَمَّا كَوْنُهَا قُرْبَةً مِنْ الْأَصْلِ أَوْ صَارَتْ قُرْبَةً فَفِيهِ نَظَرٌ.
وَأَمَّا الطِّيبُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ قُرْبَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قُرْبَةٌ مِنْ الْأَصْلِ فِيهَا وَفِي كُلِّ الْمَسَاجِدِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَعْظَمَ. هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَذْهَبِنَا فِي اتِّخَاذِهَا مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ فَإِنْ وَقَفَ الْمُتَّخِذُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْقَنَادِيلِ وَالصَّفَائِحِ وَنَحْوِهَا فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ.
وَأَمَّا قَطْعُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِإِبَاحَتِهَا وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ وَقْفِهَا وَإِذَا صَحَّ وَقْفُهَا فَلَا زَكَاةَ، وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَقَدْ رَجَّحَ تَحْرِيمَهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا لِهَذَا الْغَرَضِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهَا تَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا وَتَكُونُ زَكَاتُهَا مَبْنِيَّةً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْقُوفَةً فَلَعَلَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ إذَا وُقِفَتْ عَلَى قَصْدٍ صَحِيحٍ أَوْ وُقِفَتْ وَفَرَّعْنَا عَلَى صِحَّةِ وَقْفِهَا هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَذْهَبِنَا.
وَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَفِي التَّهْذِيبِ مِنْ كُتُبِهِمْ لَيْسَ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ وَالْخَاتَمِ وَالْمُصْحَفِ زَكَاةٌ.
وَفِي النَّوَادِرِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ رَوَى

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست