responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 256
مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ وَدَخَلَ مَكَّةَ فَفَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ ثُمَّ قَرَنَ مِنْهَا فِي سَنَتِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ لِلتَّمَتُّعِ وَلَا شَيْءَ يَشِيبُ قِرَانَهُ مِنْ مَكَّةَ.
وَبَيَانُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوَاعِدَ:
(الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) أَنَّ مَنْ يَكُونُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ دَمُ جَبْرٍ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ دَمُ نُسُكٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ إذَا قَرَنَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ طَاوُسٌ وَدَاوُد فَقَالَا: لَا دَمَ عَلَى الْقَارِنِ، وَفِي حَقِيقَةِ هَذَا الدَّمِ هَلْ هُوَ جَبْرٌ أَوْ نُسُكٌ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا
وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ جَبْرٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِجَبْرٍ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ وَلَا دَمُ الْقِرَانِ، وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا أَنَّ عَلَيْهِ دَمَ الْقِرَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيًّا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ دَمَ الْقِرَانِ دَمُ جَبْرٍ أَوْ نُسُكٍ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْحَاضِرِ؛ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُشْرَعُ لِلْمَكِّيِّ تَمَتُّعٌ وَلَا قِرَانٌ فَإِنْ تَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْإِسَاءَةِ وَيَنْبَنِي الْبَحْثُ مَعَهُ عَلَى مَا يَعُودُ إلَيْهِ اسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] فَلَيْسَ لَهُ تَمَتُّعٌ فَإِذَا تَمَتَّعَ فَقَدْ أَسَاءَ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْهُمْ بِالنُّسُكَيْنِ إنْ نَقَصَتْ عُمْرَتُهُ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ مَا فَعَلَ طَرَفًا مِنْ أَشْوَاطِ الْعُمْرَةِ أَوْ نَقَصَ حَجُّهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ نَقَصَتْ عُمْرَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِأَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ مَا أَتَى بِأَكْثَرِ الطَّوَافِ مَضَى فِيهِمَا وَلَزِمَهُ دَمُ جُبْرَانٍ.
هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِهِ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالتَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ مَشْرُوعَانِ لِأَهْلِ مَكَّةَ كَمَا لِغَيْرِهِمْ وَلَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِمْ فِيهِمَا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَنَجْعَلُ اسْمَ الْإِشَارَةِ عَائِدًا إلَى آخِرِ الشَّرْطِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] .
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) فِي تَفْسِيرِ الْحَاضِرِ الْمُرَادِ بِالْآيَةِ حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلًا قَدِيمًا إنَّهُ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ، وَرَأَيْت فِي الْإِمْلَاءِ مَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ دُونَ الْمِيقَاتِ بَعُدَتْ أَوْ قَرُبَتْ فَهُوَ مِنْ الْحَاضِرِينَ فَهَذَا غَرِيبٌ فِي النَّقْلِ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ وَرَدَّهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَمَسِيرَتُهَا عَشْرَةُ أَيَّامٍ حَاضِرًا وَاَلَّذِي فِي يَلَمْلَمَ وَمَسِيرَتُهَا يَوْمَانِ لَيْسَ بِحَاضِرٍ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَهَذَا صَحِيحٌ وَيُوَافِقُ مَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَفِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَمَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالثَّانِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست