responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 244
فِعْلُ الْمُضَارَعَةِ لِلزَّمَانِ الْمَاضِي لِأَنَّ دَلَالَةَ قَوْلِنَا زَيْدٌ يَقُومُ عَلَى حَالِ الْمُتَكَلِّمِ انْتَقَلَتْ بِكَانَ إلَى الْمَاضِي لَيْسَ إلَّا مَعَ بَقَاءِ فِعْلِ الْمُضَارَعَةِ عَلَى مَعْنَاهُ كَمَا أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ انْتَقَلَ إلَى الْمَاضِي مَعَ بَقَاءِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاكِ أَوْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ كَانَ صَارِفَةٌ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ وَمَعْنًى أُرِيدَ بِهِ مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ يَصِيرُ كَقَوْلِك كَانَ زَيْدٌ سَيَقُومُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
(الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ) إذَا كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا فَإِنْ كَانَ مَقْرُونًا بِقَدْ فَهُوَ جَائِزٌ وَصَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ فَقَوْلُك: زَيْدٌ قَدْ قَامَ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ قِيَامٍ فِي الْمَاضِي مُتَوَقَّعٍ فِيمَا مَضَى مُحَقَّقٍ قَرِيبٍ فَإِذَا قُلْت: كَانَ زَيْدٌ قَدْ قَامَ فَمَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ بِمُضِيِّ مَعْنَى قَوْلِنَا زَيْدٌ قَدْ قَامَ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَنَا إنَّ زَيْدًا قَدْ قَامَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ مُتَوَقِّعٌ لِذَلِكَ وَأَنَّك حَقَّقْت لَهُ وُقُوعَ مَا هُوَ مُتَوَقَّعٌ لَهُ وَقَرَّبْتَهُ مِنْهُ وَقَوْلُنَا: كَانَ زَيْدٌ قَدْ قَامَ يَقْتَضِي أَنَّ التَّوَقُّعَ كَانَ فِي الْمَاضِي وَلَيْسَ مُسْتَمِرًّا إلَى الْآنَ لِدُخُولِ كَانَ.
(فَائِدَةٌ) وَهَلْ نَقُولُ: إنَّ الْقِيَامَ مُقَارِنٌ لِزَمَانِ كَانَ أَوْ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ مُحَافَظَةً عَلَى دَلَالَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي؟ كُنْت أَظُنُّ الثَّانِيَ؛ وَلَمَا رَضَتْ نَفْسِي بِالْأَمْثِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمَعَانِيهَا كَانَ الْأَقْرَبُ عِنْدِي الْأَوَّلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْرُونًا بِقَدْ مِثْلُ قَوْلِك: كَانَ زَيْدٌ قَامَ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ قَبِيحٌ وَرُدَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} [الأحزاب: 15] وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّوَاهِدِ الْكَثِيرَةِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يُحْصَى ثُمَّ مَا مَعْنَاهُ قِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ مَعْنَى زَيْدٍ قَامَ وَكَانَ تَأْكِيدٌ؛ وَكُنْت أَظُنُّ أَنَّ مَعْنَاهَا التَّقَدُّمُ بِزَمَانَيْنِ مُحَافَظَةً عَلَى مَعْنَى الْمَاضِي فِي الْفِعْلَيْنِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ تَوَقَّفْت فِيهِ كَمَا قَدَّمْت وَفِي " قَدْ " ظَهَرَ مَعْنًى زَائِدٌ وَهَهُنَا إنْ لَمْ يَثْبُتْ التَّقَدُّمُ بِزَمَانَيْنِ لَمْ تَظْهَرْ زِيَادَةُ مَعْنًى.
(الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ) إذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ السِّينُ كَقَوْلِك كَانَ زَيْدٌ سَيَفْعَلُ كُنْت مُتَوَقِّفًا فِي صِحَّةِ هَذَا التَّرْكِيبِ وَأَمِيلُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا بَيْنَ كَانَ وَالسِّينِ مِنْ التَّنَاقُضِ وَكَتَبْت ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَتْ كِتَابَتُهُ لِابْنِي فَأَرْسَلَ إلَيَّ فِيمَا كَتَبَهُ قَوْلَ سِيبَوَيْهِ: " لَوْ " حَرْفٌ كَمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ فَتَعَجَّبْت مِنْ غَفْلَتِي عَنْهُ مَعَ نُطْقِي بِهِ طُولَ الدَّهْرِ وَجَاءَ هَذَا الْإِيرَادُ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ لِأَنَّهُ كَلَامُ سِيبَوَيْهِ وَهُوَ مَا هُوَ وَلَمْ أَسْتَحْضِرْ غَيْرَهُ مِمَّا يَدُلُّ لِجَوَازِ مُرِيدٍ سَيَفْعَلُ فَهَلْ نَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَ سِيبَوَيْهِ أَوْ لَا؟ وَالْأَقْرَبُ لَا وَأَنَّهُ يَفْصِلُ فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُطْلَقًا امْتَنَعَ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ لَمْ يَقَعْ جَازَ، وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ كَلَامُ سِيبَوَيْهِ أَمَّا امْتِنَاعُ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ قَوْلَك كَانَ زَيْدٌ سَيَقُومُ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَنْ زَيْدٍ بِمُضِيِّ قِيَامٍ مِنْهُ مُسْتَقْبَلٍ فَإِنْ أُرِيدَ بِالِاسْتِقْبَالِ مَا بَعْدَ زَمَانِ الْإِخْبَارِ تَنَاقَضَ وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُرَادُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ فِي الْمُضَارِعِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست