responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 242
جُعِلَ فِي خَبَرِهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ خَبَرٌ مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ فَقَطْ وَلَمْ يَقْتَضِ تَعْرِيفًا لِلْمُبْتَدَأِ وَلَا وَصْفًا وَإِلَى مَا لَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ شَرْطِهَا وَلَا جَزَائِهَا وَهُوَ مَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ تَعْرِيفَ الْمُبْتَدَأِ وَوَصْفَهُ.
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَإِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ شَرْطًا وَجَزَاءً قَوْله تَعَالَى {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [محمد: 15]- الْآيَةُ فَالْمَقْصُودُ بِالْخَبَرِ هُنَا ذِكْرُ مَثَلِ الْجَنَّةِ وَصِفَتِهَا لَا الْإِخْبَارُ الْمُجَرَّدُ بِمَا بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مُسْتَقِلَّةً ابْتِدَائِيَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِحُصُولِ الْمُخْبَرِ بِهِ، وَإِذَا كَانَتْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ احْتَمَلَ، وَضَابِطُهَا مَا ذَكَرْنَاهُ إنْ ذُكِرَتْ صِفَةُ الْمُبْتَدَأِ أَوْ قُصِدَتْ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ بِالْخَبَرِ بِهِ مَقْصُودًا وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ وَإِلَّا كَانَ مَقْصُودًا وَالْقَصْدُ لِذَلِكَ قَدْ يُعْرَفُ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ. هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ دُخُولِ " كَانَ ".

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ) إذَا جَاءَتْ خَبَرًا لَكَانَ كَقَوْلِك: كَانَ زَيْدٌ إذَا كَانَ كَذَا فَعَلَ كَذَا، وَهُوَ يَتَنَوَّعُ كَمَا يَتَنَوَّعُ قَبْلَ دُخُولٍ إلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يَظْهَرُ بِالْوَضْعِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الصِّفَةِ كَقَوْلِك: كَانَ خَالِدٌ إنْ لَقِيَ أَلْفًا كَسَرَهُمْ وَكَانَ حَاتِمٌ إنْ جَاءَهُ أَلْفٌ أَطْعَمَهُمْ وَكَانَ الْحُكْمُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ إذَا نَاجَى أَحَدُهُمْ الرَّسُولَ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً.
فَهَذَا صَحِيحٌ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا الْجَزَاءِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ عُمِلَ بِالصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيْ النَّجْوَى أَوْ نُسِخَتْ قَبْلَ الْعَمَلِ بِهَا، وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ صِيغَةُ " كَانَ " قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 20] {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 21] لِأَنَّ " خُلِقَ " تَدُلُّ عَلَى الْمُضِيِّ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ " كَانَ " وَ " هَلُوعًا " حَالٌ مِنْهُ وَمَا بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لَهُ.
وَمِنْ فَوَائِدِ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا دُخُولُ " إذَا " عَلَى الْمُحْتَمَلِ لِأَنَّهَا لَوْ قُوبِلَتْ بِمِثْلِهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ نِسْبَةَ الْأَمْرَيْنِ إلَيْهِ سَوَاءٌ وَلَوْ أَتَى مَوْضِعَهَا بِأَنْ وَكَانَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ.
(النَّوْعُ الثَّانِي) مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ ذَلِكَ أَوْ يَظْهَرُ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْفِعْلِ، وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: 35] وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا، فَاَلَّذِي أَقُولُهُ: إنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّ " كَانَ " تَدُلُّ عَلَى اقْتِرَانِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ بِالزَّمَانِ الْمَاضِي وَمَضْمُونُ الْجُمْلَةِ هُوَ الْمُخْبَرُ بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ وَهَهُنَا وَقْفَةٌ يَسِيرَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ قَوْلُك زَيْدٌ قَائِمٌ هُوَ قَائِمٌ أَوْ الْقِيَامُ وَالْمُخْبَرُ بِهِ فِي قَوْلِك كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا هَلْ هُوَ قَائِمٌ أَوْ لَا؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ لِأَنَّ أَصْلَهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ قَبْلَ دُخُولِ النَّاسِخِ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَعَ زِيَادَةِ دَلَالَةِ " كَانَ " عَلَى الْمُضِيِّ وَكَأَنَّك قُلْت: زَيْدٌ قَائِمٌ أَمْسِ إلَّا أَنَّ " أَمْسِ " ظَرْفٌ لِقَائِمٍ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَ " كَانَ " لَيْسَتْ ظَرْفًا لِخَبَرِهَا وَيَكُونُ الْمَعْنَى كَأَنَّك قُلْت

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست