responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 237
حَسَنَةٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ الْمَعَانِي الثَّلَاثِ فِي الْقَضِيَّةِ الشَّرْطِيَّةِ يَنْبَغِي لَك أَنْ تُحَقِّقَهُ وَتَسْتَعْمِلَهُ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ شَرْطِيَّةً كَانَتْ أَوْ حَمْلِيَّةً فَإِنَّك إذَا قُلْتَ: زَيْدٌ قَائِمٌ فَهُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا نَفْسُ حُكْمِكَ وَهُوَ الْإِخْبَارُ وَالثَّانِي مُتَعَلِّقُ حُكْمِكَ وَهُوَ صُدُورُ الْقِيَامِ مَنْسُوبًا إلَى زَيْدٍ بِمُقْتَضَى حُكْمِكَ صِدْقًا كَانَ أَوْ كَذِبًا وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ حَاصِلَانِ الْآنَ عِنْدَ كَمَالِ لَفْظِك لَا يُمْكِنُ فِيهِمَا الْمُضِيُّ وَلَا الِاسْتِقْبَالُ، وَالثَّالِثُ حُصُولُ الْقِيَامِ فِي الْخَارِجِ لِزَيْدٍ وَهَذَا هُوَ الْمُخْبَرُ بِهِ وَهُوَ الْمُنْقَسِمُ إلَى الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالْمُسْتَقْبَلِ، وَالنُّحَاةُ يَقُولُونَ عَنْ قَائِمٍ مَثَلًا: إنَّهُ الْمُخْبَرُ وَالْمَنْطِقِيُّونَ يَقُولُونَ: إنَّهُ الْمَحْكُومُ بِهِ، وَفِي الْكَلَامَيْنِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ وَالْمَحْكُومُ بِهِ وَهُوَ حُصُولُهُ لَا هُوَ فَفِي كُلِّ قَضِيَّةٍ مُفْرَدَانِ وَنِسْبَةٌ بَيْنَهُمَا وَلِلنِّسْبَةِ طَرَفَانِ: أَحَدُهُمَا مِنْ جَانِبِ الْحَاكِمِ وَمِنْ نَفْسِ الْحُكْمِ، وَالثَّانِي مِنْ جَانِبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَالْمَحْكُومِ بِهِ وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْحُكْمِ وَإِذَا حُقِّقَتْ كَانَتْ هِيَ الْمَحْكُومَ بِهِ وَهِيَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْحُكْمِ وَإِذَا حُقِّقَتْ كَانَتْ هِيَ الْمَحْكُومَ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَقُولُ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَخَاك قَائِمًا أَرَدْتَ أَنْ تُخْبِرَ عَنْ الْأُخُوَّةِ، وَفِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ هَذَا تَجَوُّزٌ وَحَقِيقَتُهُ أَنْ تَقُولَ بِالْأُخُوَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسَمَّيْتُ هَذَا التَّصْنِيفَ (قَدْرُ الْإِمْكَانِ الْمُخْتَطَفِ فِي دَلَالَةِ كَانَ إذَا اعْتَكَفَ) وَأَرْسَلْتُهُ إلَى الْوَلَدِ ثُمَّ أَلْحَقْت بِهِ مَا صَوَّرْتُهُ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ تَأَمَّلْت فِي قَوْله تَعَالَى {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} [غافر: 12] هَلْ تَقْدِيرُهُ كُنْتُمْ فَيَكُونُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ تُؤْمِنُوا خَبَرَهَا فَيَدُلُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ كَانَ زَيْدٌ إنْ قَامَ عَمْرٌو يَقُمْ أَوْ لَا يَكُونُ تَقْدِيرُهُ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ إخْبَارًا عَنْ صِفَتِهِمْ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُشْرِكِينَ لِظُهُورِ الْحَقَائِقِ بَلْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ أَوْ لِأَنَّ الْمَرْءَ يَمُوتُ عَلَى مَا عَاشَ عَلَيْهِ وَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ فَيَكُونُوا مُحَقَّقِينَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِنْ ظَهَرَتْ الْحَقَائِقُ، وَعَلَى هَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ هَلْ نَقُولُ فِيهِ وَفِي مِثْلِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
قَوْمٌ إذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ ... دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ
إنَّ هَذَا إخْبَارٌ عَنْ الصِّفَةِ فَقَطْ فِي الْحَالِ أَوْ إخْبَارٌ بِالْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ وَهَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَطِيفٌ أَوْ لَا؟
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ هَلْ هُمَا مُتَلَازِمَانِ أَوْ لَا؟ هَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَالثَّانِي أَوْفَقُ لِمَا قَرَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ لَا يُدْفَعُ هُنَا لِأَنَّهَا خَبَرٌ عَنْ كَانَ وَالتَّرَدُّدُ فِي الْمُخْبَرِ بِهِ هَلْ هُوَ الصِّفَةُ أَوْ الْجَزَاءُ وَفِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لَيْسَ إلَّا الْجَزَاءُ فَإِنْ ثَبَتَ لَنَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ وَأَنَّ الْمَدْلُولَ فِي مِثْلِ قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ " إذَا وَعَدَ وَفَّى " الْإِخْبَارُ عَنْ صِفَتِهِ فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ حُصُولُ.

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 237
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست