responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 218
الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا النَّصُّ فِي الرُّؤْيَةِ وَهِيَ أَمْرٌ مَحْسُوسٌ وَلَمْ يَحْصُلْ لَنَا هَهُنَا؛ وَفِي الْحَدِيثِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَالْعُمُومُ حَاصِلٌ فَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِهِ هُنَا.
(فَصْلٌ) فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالِاسْتِحَالَةِ قُلْنَا أَنْ نَقُولَ لِمَنْ لَا يَنْجَذِبُ طَبْعُهُ إلَى الْحِسَابِ هَاتَيْنِ الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا كَمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ عَمْرًا يَوْمَ كَذَا فِي بَلَدِ كَذَا فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ عَمْرًا كَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ مِنْهَا إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَادَةً وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَقْلًا.
(فَصْلٌ) قَدْ دَلَّ الْحِسَابُ وَالِاسْتِقْرَاءُ التَّامُّ عَلَى أَنَّ السَّنَةَ الْقَمَرِيَّةَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ. وَهَذَا بِاعْتِبَارِ مُفَارَقَةِ الْهِلَالِ لِلشَّمْسِ، وَأَمَّا بِحَسْبِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ فَقَدْ يَنْتَهِي إلَى خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِحَسْبِ الْكَسْرِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ شُهُورٌ يَقْتَضِي الْحِسَابُ اسْتِحَالَةَ نَقْصِ مَجْمُوعِهَا لَمْ تُسْمَعْ لِمَا قُلْنَاهُ، وَإِذَا غُمَّ الْهِلَالُ عَلَيْنَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَيَقْوَى فِي الْأَخِيرِ اعْتِمَادُ الْحِسَابِ وَالْحُكْمِ بِالْهِلَالِ كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا ضَيَّقَ الْفَرْضُ كَمَا فَرَضْنَاهُ هَهُنَا يَكُونُ الْقَوْلُ بِهِ أَقْوَى وَأَوْلَى وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الْهِلَالَ إذَا غَابَ بَعْدَ الْعِشَاءِ]
(فَصْلٌ) حُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْهِلَالَ إذَا غَابَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَهُوَ ابْنُ لَيْلَتَيْنِ. وَهَذَا إذَا صَحَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُحْمَلُ إمَّا عَلَى وَقْتٍ خَاصٍّ أَوْ عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّ الْهِلَالَ إذَا فَارَقَ الشَّمْسَ وَكَانَ عَلَى خَمْسِ دَرَجٍ عِنْدَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لَا يُرَى وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الشَّرْعِ فَإِذَا حُسِبَ ذَلِكَ مَعَ سَيْرِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً يُقِيمُ إلَى بَعْدِ الْعِشَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ عِنْدَهُ الْبَيَاضُ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ.
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا لِلْعُمْرَةِ فَلَمَّا نَزَلْنَا بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَرَأَيْنَا الْهِلَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ لَيْلَتَيْنِ فَلَقِيَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقُلْنَا: إنَّا رَأَيْنَا الْهِلَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ لَيْلَتَيْنِ فَقَالَ: أَيَّ لَيْلَةٍ رَأَيْتُمُوهُ قُلْنَا: لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّ اللَّهَ مَدَّهُ لِلرُّؤْيَةِ فَهُوَ لِلَيْلَةٍ رَأَيْتُمُوهُ. فَانْظُرْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ كِبَارُ التَّابِعِينَ كَيْفَ ظَنُّوهُ ابْنَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - انْتَهَى.

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست