responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 215
بِجَوَازِ الصَّوْمِ أَوْ وُجُوبِهِ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى رُؤْيَتِهِ، وَوَجْهُ الِاعْتِذَارِ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَى الصَّوْمِ بِإِكْمَالِ ثَلَاثِينَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ فَهِمْنَا الْمَعْنَى وَهُوَ طُلُوعُ الْهِلَالِ وَإِمْكَانُ رُؤْيَتِهِ وَهُمَا حَاصِلَانِ بِالْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَنْدَرِجُ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ بِحَسْبِ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي أَنَّ النَّظَرَ إلَى اللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى فَمَنْ اعْتَبَرَ اللَّفْظَ مَنَعَ دَلَالَةَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» وَمَنْ اعْتَبَرَ الْمَعْنَى قَالَ: الْحَدِيثُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَأَشَارَ إلَى الْعِلَّةِ فَإِذَا وُجِدَتْ وَلَوْ نَادِرًا اُتُّبِعَتْ، وَقَوْلُهُ " رَأَيْتُمُوهُ " لَيْسَ الْمُرَادُ رُؤْيَةَ الْجَمِيعِ بِدَلِيلِ الْوُجُوبِ عَلَى الْأَعْمَى بِالْإِجْمَاعِ، وَلِمَا أَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرُؤْيَتِهِ أَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ فَالْمُرَادُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ وَتَحَقُّقٌ إمَّا بِالْحِسِّ وَإِمَّا بِخَبَرِ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَوْ شَهَادَةِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِشُرُوطِهَا، وَقَوْلُهُ «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَمَقْصُودُهُ بَيَانُ الشَّهْرِ الشَّرْعِيِّ الْعَرَبِيِّ وَمُخَالَفَةُ مَا يَفْهَمُهُ مِنْهُ أَهْلُ الْحِسَابِ لَا إبْطَالَ حِسَابِهِمْ جُمْلَةً بَلْ بَيَانُ أَنَّهُ تَارَةً ثَلَاثُونَ وَتَارَةً تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلَا رَدَّ فِيهِ عَلَى مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الصَّوْمِ بِالْحِسَابِ لِأَنَّهُ مَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ تِسْعًا وَعِشْرِينَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَرَفَةَ يَوْمَ تُعَرِّفُونِ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ» فَالْمُرَادُ مِنْهُ إذَا اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ فَالْمُسْلِمُونَ لَا يَتَّفِقُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِالْحُجَّةِ حَتَّى لَوْ غُمَّ الْهِلَالُ وَأَكْمَلَ النَّاسُ ذَا الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ وَوَقَفُوا فِي تَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ لِظَنِّهِمْ وَعَيَّدُوا فِي غَدِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ وَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ فَوُقُوفُهُمْ صَحِيحٌ وَأَضْحَاهُمْ يَوْمَ ضَحُّوا، وَكَذَا إذَا كَمَّلُوا عِدَّةَ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ وَأَفْطَرُوا مِنْ الْغَدِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ ثَانِي شَوَّالٍ كَانَ فِطْرُهُمْ يَوْمَ أَفْطَرُوا. فَهَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ أَنَّ وَاحِدًا رَأَى وَحْدَهُ أَفْتَاهُ بِأَنْ يُفْطِرَ سِرًّا وَيَكُونُ ذَلِكَ يَوْمَ فِطْرِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ يَوْمَ فِطْرِ غَيْرِهِ بَلْ يَوْمُ فِطْرِ غَيْرِهِ مِنْ الْغَدِ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بِرُؤْيَةٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِطْرُ كُلِّ أَحَدٍ يَوْمَ فِطْرٍ، وَإِذَا اتَّفَقَ غَلَطُ أَهْلِ بَلَدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ وَكَانَ قَدْ رُئِيَ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ حَوَالَيْهِ رُؤْيَةً مُحَقَّقَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْغَلَطُ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِلْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ بَلَدٌ لَهَا حُكْمٌ وَاحْتُمِلَ خِلَافُهُ؛ وَإِنْ تَعَمَّدَ أَهْلُ بَلَدٍ فَضَحُّوا يَوْمَ التَّاسِعِ أَوْ وَقَفُوا يَوْمَ الثَّامِنِ أَوْ أَفْطَرُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ ذَلِكَ يَوْمُ أَضْحَاهُمْ وَلَا يَوْمُ وُقُوفِهِمْ وَلَا يَوْمُ فِطْرِهِمْ، وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ بَلَدٍ فِي الرُّؤْيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ رَأَى مَا فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ غَيْرِهِ يَعْتَقِدُ الْقَاضِي أَنَّهُ يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَيْهِ، وَوَقَعَتْ الرِّيبَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست