responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 209
إلَى ذَلِكَ بِحَسْبِ مَرَاتِبِ بُعْدِهِ عَنْ الشَّمْسِ وَقُرْبِهِ. وَهَهُنَا صُورَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنْ يَدُلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ رُؤْيَتِهِ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِمُقَدَّمَاتٍ قَطْعِيَّةٍ وَيَكُونُ فِي غَايَةِ الْقُرْبِ مِنْ الشَّمْسِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُمْكِنُ فَرْضُ رُؤْيَتِنَا لَهُ حِسًّا لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فَلَوْ أَخْبَرَنَا بِهِ مُخْبِرٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَحْتَمِلُ خَبَرُهُ الْكَذِبَ أَوْ الْغَلَطَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ قَبُولُ هَذَا الْخَبَرِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْكَذِبِ أَوْ الْغَلَطِ وَلَوْ شَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ الْحِسَابَ قَطْعِيٌّ وَالشَّهَادَةَ وَالْخَبَرَ ظَنِّيَّانِ وَالظَّنُّ لَا يُعَارِضُ الْقَطْعَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ مَا شَهِدْت بِهِ مُمْكِنًا حِسًّا وَعَقْلًا وَشَرْعًا فَإِذَا فُرِضَ دَلَالَةُ الْحِسَابِ قَطْعًا عَلَى عَدَمِ الْإِمْكَانِ اسْتَحَالَ الْقَبُولُ شَرْعًا لِاسْتِحَالَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَالشَّرْعُ لَا يَأْتِي بِالْمُسْتَحِيلَاتِ، وَلَمْ يَأْتِ لَنَا نَصٌّ مِنْ الشَّرْعِ أَنَّ كُلَّ شَاهِدَيْنِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا وَلَا يَتَرَتَّبُ وُجُوبُ الصَّوْمِ وَأَحْكَامُ الشَّهْرِ عَلَى مُجَرَّدِ الْخَبَرِ أَوْ الشَّهَادَةِ حَتَّى إنَّا نَقُولُ: الْعُمْدَةُ قَوْلُ الشَّارِعِ صُومُوا إذَا أَخْبَرَكُمْ مُخْبِرٌ فَإِنَّهُ لَوْ وَرَدَ ذَلِكَ قَبِلْنَاهُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ لَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَأْتِ قَطُّ فِي الشَّرْعِ بَلْ وَجَبَ عَلَيْنَا التَّبَيُّنُ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ حَتَّى نَعْلَمَ حَقِيقَتَهُ أَوَّلًا وَلَا شَكَّ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يَشْهَدُ بِالْهِلَالِ قَدْ لَا يَرَاهُ وَيُشْتَبَهُ عَلَيْهِ أَوْ يَرَى مَا يَظُنُّهُ هِلَالًا وَلَيْسَ بِهِلَالٍ أَوْ تُرِيهِ عَيْنُهُ مَا لَمْ يَرَ أَوْ يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَيَحْصُلُ الْغَلَطُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رَأَى فِيهَا أَوْ يَكُونُ جَهْلُهُ عَظِيمًا يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يَعْتَقِدَ فِي حَمْلِهِ النَّاسَ عَلَى الصِّيَامِ أَجْرًا أَوْ يَكُونَ مِمَّنْ يَقْصِدُ إثْبَاتَ عَدَالَتِهِ فَيَتَّخِذُ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى أَنْ يُزَكَّى وَيَصِيرَ مَقْبُولًا عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ قَدْ رَأَيْنَاهَا وَسَمِعْنَاهَا فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ إذَا جَرَّبَ مِثْلَ ذَلِكَ وَعَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بِخَبَرِ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّ دَلَالَةَ الْحِسَابِ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَلَا يُثْبِتَ بِهَا وَلَا يَحْكُمَ بِهَا، وَيُسْتَصْحَبُ الْأَصْلُ فِي بَقَاءِ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ مُحَقَّقٌ حَتَّى يَتَحَقَّقَ خِلَافُهُ، وَلَا نَقُولُ الشَّرْعُ أَلْغَى قَوْلَ الْحِسَابِ مُطْلَقًا وَالْفُقَهَاءُ قَالُوا: لَا يُعْتَمَدُ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا قَالُوهُ فِي عَكْسِ هَذَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الَّتِي حَكَيْنَا فِيهَا الْخِلَافَ أَمَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَلَا وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذِهِ نَقْلًا وَلَا وَجْهَ فِيهَا لِلِاحْتِمَالِ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُهُ.
وَرَأَيْت إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ لَمَّا تَكَلَّمَ فِيهَا إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يُرَ فِي غَيْرِهِ وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ وَجْهَانِ هَلْ تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَوْ الْمُطَالِعُ جَزَمَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَذَكَرَ الْمُطَالِعُ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِمَالِ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَرْصَادِ وَالتُّمُودَرَاتِ، وَفَرَضَ ذَلِكَ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِانْخِفَاضٍ وَارْتِفَاعٍ؛ وَهَذَا الْفَرْضُ الَّذِي قَدْ فَرَضَهُ نَادِرٌ فَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست