responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 200
فَإِنْ قُلْتَ: مَا حُكْمُ الْمَجْنُونِ؟ قُلْتُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ لَكِنْ لَوْ وَجَبَتْ عَلَى عَاقِلٍ ثُمَّ جُنَّ أَخْرَجَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ، وَوَافَقُونَا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فِي الْجُنُونِ الطَّارِئِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ مُفِيقًا فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ كَانَ مُفِيقًا فِي جُزْءٍ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْجُنُونَ الْأَصْلِيَّ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ، وَالْجُنُونُ الْأَصْلِيُّ أَنْ يَبْلُغَ مَجْنُونًا.
فَإِنْ قُلْتَ: مَا تَقُولُ فِي اقْتِرَانِ الزَّكَاةِ بِالصَّلَاةِ؟ قُلْتُ: دَلَالَةُ الِاقْتِرَانِ ضَعِيفَةٌ وَمَنْ قَالَ بِهَا فَذَاكَ فِي كَوْنِهِمَا وَاجِبَتَيْنِ مَثَلًا وَذَلِكَ حَاصِلٌ هُنَا وَالْأَمْرَيْنِ لِلصَّلَاةِ؛ وَالْفُرُوقُ فُرُوقٌ كَثِيرَةٌ الصَّلَاةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسُ مَرَّاتٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمَالُ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا السُّتْرَةُ وَالطَّهَارَةُ، وَلَيْسَ فِي الزَّكَاةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ عِنْدَك شَيْءٌ آخَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ التَّرِكَةُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مِنْهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا زَكَاةٌ وَجَبَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ قُدِّمَتْ فَإِذَا كَانَ نِصَابٌ انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَقُلْنَا: يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى حَوْلِ الْمُورِثِ طَهَّرَ تَرِكَتَهُ بِحَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ يَتِيمًا.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَبْنِي أَوْ كَانَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ حَوْلٍ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِلنِّصَابِ سَبَبٌ لِحَقِّ الزَّكَاةِ مُتَقَدِّمٌ مِلْكَ الْوَارِثِ الْيَتِيمِ فَإِذَا وُجِدَ الْحَوْلُ وَهُوَ شَرْطٌ أَخْرَجْنَا الزَّكَاةَ مِنْهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا كَمَا نُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ التَّرِكَةِ لِتَقَدُّمِ وُجُوبِهَا. فَإِنْ قُلْت: هَلْ عِنْدَك شَيْءٌ آخَرُ؟ قُلْت: نَعَمْ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] وَآيَةُ الْفَيْءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُبَيِّنُ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْعَمَ عَلَيْنَا نِعْمَةً مَالِيَّةً يَجِبُ لَهُ بَعْضُهَا، وَالنِّصَابُ نِعْمَةٌ مَالِيَّةٌ فَيَجِبُ بَعْضُهُ بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرُوهَا، وَهَذَا لَيْسَ قِيَاسًا مُحَقَّقًا لَكِنَّهُ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ شُكْرُ الْمَالِ وَتَعْلِيلُ وُجُوبِهَا عَلَى الْبَالِغِ لِذَلِكَ، وَهَذَا الْمَعْنَى حَاصِلٌ فِي الصَّبِيِّ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الْإِخْرَاجُ لِيَكُونَ شُكْرًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَيَزِيدَهُ بِسَبَبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] فَإِنْ قُلْت: فِيهَا تَضْيِيعُ مَالِ الصَّبِيِّ. قُلْت: الْمُحَافَظَةُ عَلَى هَذَا مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، وَإِخْرَاجُهَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَأُخْرَوِيَّةٌ أَمَّا الْأُخْرَوِيَّةُ فَظَاهِرٌ بِالثَّوَابِ وَأَمَّا الدُّنْيَوِيَّةُ فَمِنْهُ مَا يَرْجِعُ إلَى الدِّينِ بِصَلَاحِ قَلْبِهِ وَبَدَنِهِ وَتَوَطُّنِ نَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ وَاطْمِئْنَانِهَا إلَيْهِ وَمِنْهُ مَا يَرْجِعُ إلَى الدُّنْيَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَرَكَةِ إخْرَاجِهَا يَحْفَظُ اللَّهُ مَا بَقِيَ.
وَفِي الْحَدِيثِ «مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ» وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو مَسْلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا. وَاخْتَلَفَ الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرٌ فِيهِ فَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَأَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَحْفَظُ، وَهَذَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست