responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 197
زَكَاةِ الْفِطْرِ سَبَبِيَّةً عَلَى لَبَّةِ (؟) الْقَادِرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ مَالٌ وَفِي مَالِ الصَّبِيِّ عَلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ، وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَقَالُوا بِإِثْبَاتِ الزَّكَاةِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّهَا عَلَى الصَّحِيحِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ، وَيَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْمَالِ يَقْتَضِي وُجُوبَهَا عَلَى الصَّبِيِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِذَا نَظَرْنَا إلَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمَالِكِ وَهُمْ بَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّ مَعَ وُجُوبِهِ فِي الْمَالِ وَقَطْعِهِ عَنْ الذِّمَّةِ لَا يَتَحَقَّقُ الْوُجُوبُ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّ الْوُجُوبَ إمَّا فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ وَإِمَّا وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الصَّبِيِّ يَسْقُطُ جُمْلَةً وَأَجَابُوا عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِأَنَّ وُجُوبَهَا بِمَعْنَى الْمَئُونَةِ تَجِبُ عَلَى الصَّغِيرِ وَفِيهِ حَقٌّ لِلْأَبِ فَأَمَّا لَوْ لَمْ تَجِبْ فِي مَالِهِ احْتَجْنَا إلَى الْإِيجَابِ عَلَى الْأَبِ وَمَئُونَةُ الْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ وَهِيَ أَجْوِبَةٌ ضَعِيفَةٌ.
فَإِنْ قُلْتَ: اُذْكُرْ لِي أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ فِعْلُ الْمُتَصَدِّقِ وَالْوُجُوبُ الْخِطَابُ؛ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ وَالزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ الْقَدْرُ الْمَفْرُوضُ فِي الْمَالِ وَالْوُجُوبُ الثُّبُوتُ فِي الذِّمَّةِ وَالصَّبِيُّ أَهْلٌ فَلَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُنَا وَكَلَامُهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ الْقَطْعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالصَّوَابِ وَأَنَّ الْمُخَالِفَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَزٍّ وَنُطَالِبُ نَحْنُ بِدَلِيلِنَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
فَإِنْ قُلْتَ: مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْعُشْرِ؟ قُلْتُ: قَالُوا: إنَّهُ يَجِبُ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ أَرْضُ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ نَمَاءُ الْأَرْضِ وَحَقٌّ لَهَا وَصَحِيحٌ أَنَّهُ نَمَاءُ الْأَرْضِ وَلَكِنْ بِالْمَعْنَى حَقٌّ لَهَا وَشَبَّهُوهُ بِالْخَرَاجِ وَالْخَرَاجُ وَاجِبٌ عَلَى شَخْصٍ وَإِنْ كَانَ مُتَعَلَّقًا بِالْأَرْضِ وَإِذَا كَانَ الْعُشْرُ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالصَّبِيِّ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] فَهَذَا حَقٌّ بِاعْتِبَارِ شَرْطِ الْخِطَابِ فِيهِ فَهُمْ لَمْ يَقُولُوا إنَّ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ وَإِنَّمَا قَالُوا بِشَيْءٍ مُرَتَّبٍ عَلَى أَرْضٍ سَمَّوْهُ عُشْرًا لَا دَلِيلَ لَهُ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَحَقِيقَتُهُ عِنْدَهُمْ جِزْيَةٌ وَعِنْدَهُمْ اخْتِلَافٌ فِي أَخْذِهِ مُضَعَّفًا بِاسْمِ الصَّدَقَةِ أَوْ غَيْرَ مُضَعَّفٍ أَعْنِي مِنْ الرَّهْنِ.
وَأَمَّا عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ زَكَاةٌ لَا تُؤْخَذُ مِنْ كَافِرٍ ثُمَّ إذَا قَالُوا: الْوَلِيُّ يُخْرِجُهُ مِنْ زَرْعِ الصَّبِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاقَاةِ الْوُجُوبِ لِلصَّبِيِّ؛ وَغَايَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْعُشْرَ لَيْسَ عِبَادَةً وَلَكِنَّهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ هَكَذَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَإِنْ لَمْ نُسَلِّمْهُ لَهُمْ وَأَمَّا الْأَرْضُ فَلَا حَقَّ عَلَيْهَا وَلَا لَهَا. فَإِنْ قُلْتَ: فَزَكَاةُ الْفِطْرِ؟ قُلْتُ: هِيَ طُهْرَةٌ لِلْبَدَنِ وَلِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فَإِذَا وَجَبَتْ عَلَى الصَّبِيِّ فَلَأَنْ تَجِبَ زَكَاةُ الْمَالِ عَلَيْهِ أَوْلَى لِوُجُودِ الْمَعْنَى مَعَ أَنَّ النِّعْمَةَ فِيهِ أَكْثَرُ وَكَوْنُهَا تَابِعَةً لِكَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ مُرَاعَاةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَيَضُمُّ كَلَامُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست