responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 192
بِهِ وَهَذَا حَرْفُ الْبَحْثِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَاَلَّذِي يَفْهَمُ كُلُّ أَحَدٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَاللُّغَةُ مَا قُلْنَاهُ، فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ مَعَ هَذَا شَيْءٌ آخَرُ؟ . قُلْتُ: نَعَمْ مَعْنًى مَعْقُولٌ مِنْ الْآيَةِ لَمَّا قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] وَقَالَ {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24] {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 25] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ نَظَرْنَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وُجُوبِهِ لَهُمْ فَرَأَى الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ وُجُوبَهُ لَهُمْ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ بِطَرِيقِ الْقَرَابَةِ كَمَا أَوْجَبَ نَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَرَابَةِ النَّسَبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَاشْتَرَكَتْ الْقَرَابَتَانِ فِي اقْتِضَائِهِمَا وُجُوبَ النَّفَقَةِ فَاشْتَرَطَ فِي الْأَوَّلِ مِلْكَ النِّصَابِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ الْكِفَايَةِ وَافْتَرَقَا فِي أَنَّ الْأُولَى مُسْتَقَرٌّ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالثَّانِيَةُ لِمُعَيَّنٍ عَلَى مُعَيَّنٍ مُقَدَّرَةٌ بِالْحَاجَةِ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِقْرَارِهَا فِي الذِّمَّةِ وَفِي أَنَّ الْأُولَى لَا تُوجِبُ مَحْرَمِيَّةَ النِّكَاحِ وَلَا تُوجِبُ الْعَيْنَ بِالْمِلْكِ وَهَذَا الِافْتِرَاقُ لَا يَقْدَحُ فِي اقْتِضَاءِ الْمُشْتَرَكِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ. فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ نَقَلْتُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لِلْفُقَرَاءِ وَمَنْ مَعَهُمْ.
قُلْتُ: يَقُولُ: إنَّهَا لِلْفُقَرَاءِ عَلَى اللَّهِ بِوَعْدِهِ بِرِزْقِهِمْ وَهِيَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَذِنَ لَهُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِمْ كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ لِلْمَدْيُونِ: ادْفَعْ دَيْنِي الَّذِي عِنْدَك لِهَذَا مِمَّا لَهُ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا حَقَّ لِلْفَقِيرِ عَلَى الْغَنِيِّ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ: حَقُّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُولَى وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ رِزْقًا وَوَعَدَهُ بِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: لَخِّصْ لِي مَا تَقَدَّمَ إلَى هُنَا لِأَسْفَلَ بَدْرٍ (؟) مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ. قُلْتُ: مُسْنَدُ الشَّافِعِيِّ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ الْآمِرَةُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِأَنَّهَا فِي عَيْنِ الْمَالِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الشَّهِيرَةُ الْكَثِيرَةُ كَذَلِكَ وَفِعْلُ السُّعَاةِ كَذَلِكَ وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَمُرْسَلٌ صَحِيحٌ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَالْمُسْنَدِ أَوْ أَقْوَى وَأَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَآثَارٌ عَظِيمَةٌ عَنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ وَمَعْنَى نَفَقَةِ الْقَرَابَةِ.
فَهَذِهِ عَشْرَةُ أُمُورٍ مُتَضَافِرَةٌ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ بِأَقَلَّ مِنْهَا. فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا تُجِيبُونَ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» أَلَيْسَ مُعَارِضًا لِمَا قُلْتُمْ؟ قُلْتُ: لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهَا وَلَا يَقْتَضِي الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَكْثَرَ مِنْ ارْتِفَاعِ التَّكْلِيفِ إنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مُكَلَّفًا وَلَا مُخَاطَبًا بِأَدَائِهَا وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي مَقَامٍ آخَرَ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ: إنَّهَا نَفَقَةٌ مَحْضَةٌ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ أَوْ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ كَالصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا شَائِبَةٌ مِنْ هَذَا وَشَائِبَةٌ مِنْ هَذَا. قُلْتُ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي كَانَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست