responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 190
الْمَسْأَلَةِ وَانْظُرْ إلَى «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ: خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا وَمِنْ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً وَمِنْ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً» كَيْفَ أَنَاطَ الْجِزْيَةَ بِالْحَالِمِ وَهُوَ الشَّخْصُ وَالصَّدَقَةُ الْمَالُ. فَإِنْ قُلْتَ: الْمَالُ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهِ لِبَيَانِ الْمَقَادِيرِ وَلَيْسَ كُلُّ مَالٍ مَأْخُوذًا مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَالَ الْكَافِرِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ قُلْتُ: قَدْ بَيَّنَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسُّعَاةِ وَكَتَبَهُ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ إنَّهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَفِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ أَبُو بَكْرٍ لِأَنَسٍ: هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْكُفَّارِ وَإِنْ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: 6] {الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 7] . وَالثَّانِي أَنَّهُ يَعُمُّ الْبَالِغَ وَالصَّبِيَّ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالَ فَرِيضَةٌ وَالْفَرْضُ لَا يَكُونُ عَلَى الصَّبِيِّ. قُلْتُ: قَدْ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ عَلَى كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ نَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْفَرِيضَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَوْ الْوَاجِبَةِ وَلَا يَخْتَصُّ الْوُجُوبُ بِالْبَالِغِ كَمَا بَيَّنَهُ فَكَمَا أَنَّ فَرِيضَةَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ بِنَصِّ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ كَذَلِكَ صَدَقَةُ الْمَالِ وَإِقْلِيمُ الْيَمَنِ وَاسِعٌ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْجِهَاتِ الَّتِي كَانَتْ السُّعَاةُ تَسِيرُ إلَيْهَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا صِغَارٌ لَهُمْ أَمْوَالٌ وَلَمْ يَسْتَثْنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فَضَّلَ بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ فَدَلَّ عَلَى الْعُمُومِ كَذَلِكَ «قَالَ لِمُعَاذٍ: سَتَأْتِي أَقْوَامًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ» . فَإِنْ قُلْتَ: هُوَ إنَّمَا يَدْعُو الْبَالِغَ.
قُلْتُ: بَلْ يَدْعُو الْجَمِيعَ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ الْبَالِغَ وَكَيْفَ لَا يَدْعُو الصَّبِيَّ وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوَتِهِ هِدَايَتُهُ وَقَدْ «عَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيًّا يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ وَمَاتَ» بَلْ أَقُولُ: إنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَ الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَيَضْرِبَهُ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ. فَإِنْ قُلْت: أَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الصَّبِيِّ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَيْفَ يَجِبُ الْأَمْرُ بِهِ أَوْ الضَّرْبُ عَلَيْهِ وَهَكَذَا الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَجِبُ دُعَاؤُهُ إلَيْهِ. قُلْت: لَا نُنْكِرُ وُجُوبَ الْأَمْرِ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالضَّرْبَ عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَنَحْنُ نَضْرِبُ الْبَهِيمَةَ لِلتَّأْدِيبِ فَكَيْفَ الصَّبِيُّ وَذَلِكَ لِمَصْلَحَتِهِ وَأَنْ يَعْتَادَ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ تَقُولُونَ: إنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ فَقَطْ أَوْ مَأْمُورٌ بِأَمْرِ الشَّارِعِ؟ قُلْتُ: قَدْ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ» .
وَاخْتَارُوا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَأْمُورًا بِأَمْرِ الشَّارِعِ وَذَلِكَ نَظَرٌ إلَى وَضْعِ اللَّفْظِ فَقَطْ وَجُنُوحٌ إلَى أَنَّ الصَّبِيَّ خَارِجٌ مِنْ حُكْمِ الْخِطَابِ وَهُوَ مُقْتَضَى حَدِّ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، أَمَّا مَنْ قَالَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست