responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
هَذَا مَا اتَّفَقَ نَقْلُهُ مِنْ كَلَامِ التَّابِعِينَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ جُمُعَتَيْنِ إلَّا مَا حَكَيْنَا عَنْ عَطَاءٍ وَأَنْكَرَهُ النَّاسُ.
(فَصْلٌ) قَدْ عَلِمْت قَوْلَ ابْنِ جُرَيْجٍ لِعَطَاءٍ إنَّ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ الْأَكْبَرَ لَا يَسَعُ أَهْلَهَا وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ وَقَوْلَ عَلِيٍّ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي مِصْرٍ وَقَوْلَهُ لَا جُمُعَةَ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ وَقَوْلَ عَطَاءٍ بَلَغَنَا أَنْ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ فَعُلِمَ أَنَّ مَذْهَبَ عَطَاءٍ اشْتِرَاطُ الْمِصْرِ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَعَلَّهُ يَشْتَرِطُ الْمَسْجِدَ مَعَ ذَلِكَ كَمَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَلَا نَدْرِي هَلْ يَشْتَرِطُ الْإِمَامَ أَوْ لَا فَإِذَا فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الْبَصْرَةِ وَشَبَهِهَا وَمَسْجِدُهَا الْأَكْبَرُ لَا يَسَعُ أَهْلَهَا فَمَنْ يَقُولُ لَا يَشْتَرِطُ لِلْجُمُعَةِ الْمَسْجِدَ وَلَا الْإِمَامَ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يُمْكِنُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ فِي الطُّرُقَاتِ مَعَ الْجَامِعِ وَتَتَّصِلُ الصُّفُوفُ فَلَا يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْفَرْضِ بِجُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنْ يَشْرِطُ الْمَسْجِدَ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عِنْدَهُ.
فَإِذَا امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يُمْكِنُهَا الْوُصُولُ إلَى الْمَسْجِدِ فَيَحْتَاجُ الَّذِي يَشْتَرِطُ الْمَسْجِدَ أَنْ يَقُولَ فِي حَقِّ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَحَدَ أَمْرَيْنِ إمَّا إنَّهُمْ يُقِيمُونَ الظُّهْرَ لِتَعَذُّرِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِمْ كَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَإِمَّا أَنْ يُرَخِّصَ لَهُمْ فِي إقَامَةِ جُمُعَةٍ أُخْرَى فِي مَسْجِدٍ آخَرَ مِنْ مَسَاجِدِ الْمِصْرِ إمَّا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ إنْ اشْتَرَطَ الْإِمَامَ وَإِمَّا بِدُونِهِ إنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلَّمَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ يَجُوزُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ حَتَّى يَأْتِيَ فِيهِ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ إقَامَةُ الظُّهْرِ فَعَلَيْهِ دَلِيلٌ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ وَمَعْرِفَةُ حُكْمِهِ بِكَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الظُّهْرُ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى الْجُمُعَةِ بِشُرُوطٍ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ يَرْجِعُ إلَى الظُّهْرِ، فَكَأَنَّ الْأَمْرَ فِي الْبَصْرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا عَلَى هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ الْجُمُعَةَ وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ لَا يَشْرِطُ الْمَسْجِدَ فَالْجُمُعَةُ عِنْدَهُ مُمْكِنَةٌ فَحَصَلَ فِي الْبَصْرَةِ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ يُصَلُّونَ جُمُعَةً وَاحِدَةً.
وَالثَّانِي أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جُمُعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا.
وَالثَّالِثُ أَنَّ الَّذِينَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَاَلَّذِينَ لَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ وَلَا تَتَعَدَّدُ الْجُمُعَةُ، وَهَذَا لَمْ أَجِدْهُ مَنْقُولًا وَلَكِنَّهُ مُقْتَضَى الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ اشْتَرَطَ الْمَسْجِدَ، وَالثَّانِي يَحْتَمِلُ مَعَ ضَعْفِهِ وَلَعَلَّ عَطَاءً ذَهَبَ إلَيْهِ، وَفِي قَوْلِ عَطَاءٍ احْتِمَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَضِيقُ الْمَسْجِدِ يَمْنَعُ مِنْ أَدَاءِ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا فَلَا تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْهُ لِأَجْلِ الْإِمْكَانِ وَيُصَلِّيهَا كَيْفَ مَا اتَّفَقَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست