responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 170
بِصِفَاتِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَفَعَلُوهُ وَالسِّرُّ فِي عَدَمِ جَوَازِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجُمُعَةِ إقَامَةُ الشِّعَارِ وَلِذَلِكَ اخْتَصَّتْ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ إذَا وَسِعَ النَّاسُ اتِّفَاقًا وَكَأَنَّهَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تُشْبِهُ فُرُوضَ الْكِفَايَاتِ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بِهَا إتْيَانُهَا فَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُ إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَغَلَّطُوا قَائِلَهُ لِمَا اُشْتُهِرَ أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَعِنْدِي يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ النَّقْلِ عَلَى مَا أَشَرْت إلَيْهِ بِأَنَّ فِيهَا الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا:
(أَحَدُهُمَا) قَصْدُ إظْهَارِ الشِّعَارِ وَإِقَامَتُهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ أَرْبَعُونَ وَهَذَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ حَوْلَهَا مِمَّنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ مِنْهَا إذَا كَانُوا دُونَ الْأَرْبَعِينَ.
(وَالثَّانِي) وُجُوبُ حُضُورِهَا وَهُوَ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَمِمَّنْ حَوْلَهَا مِمَّنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي مَحِلِّهِ، وَإِذَا عَرَفْت أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا ذَلِكَ وَالسِّجْنُ لَيْسَ مَحَلَّ ظُهُورِ الشِّعَارِ فَلَا تُشْرَعُ إقَامَتُهَا فِيهِ وَلَعَلَّ لِذَلِكَ لَمْ يُقِمْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَأَقَامَهَا أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِالْبَقِيعِ بَقِيعِ الْحَصَمَاتِ مِنْ ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا يَأْمُرُ بِهَا وَلَا يَفْعَلُهَا لِمَا قُلْنَا مِنْ الْمَعْنَى، وَالسِّجْنُ لَيْسَ مَحَلًّا لِإِقَامَتِهَا لِأَمْرَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) عَدَمُ ظُهُورِ الشِّعَارِ.
(وَالثَّانِي) أَنَّهُ تَعْطِيلُ إقَامَتِهَا فِي بَقِيَّةِ الْبَلَدِ إذَا كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُ جُمُعَتَيْنِ، وَمَا عَطَّلَ فَرْضَ الْكِفَايَةِ نَمْنَعُ مِنْهُ فَعَدَمُ الْجَوَازِ إذَا كَانَتْ الْبَلْدَةُ صَغِيرَةً لِهَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ وَكُلُّ عِلَّةٍ مِنْهُمَا كَافِيَةٌ لِهَذَا الْحُكْمِ وَلَوْ أَنَّ أَرْبَعِينَ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ لَا يَظْهَرُ فِيهِ الشِّعَارُ وَعَجَّلُوا بِالْخُطْبَةِ وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ الَّتِي تُقَامُ فِي الْبَلَدِ فِي الشِّعَارِ الظَّاهِرِ لَمْ أَرَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُمْ لِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْبَلْدَةُ كَبِيرَةً وَالْجَامِعُ الَّذِي لَهَا لَا يَسَعُ النَّاسَ وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَجُوزُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ أُخْرَى فِيهَا عَلَى مَا ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَأَقَامَ أَهْلُ السِّجْنِ الْجُمُعَةَ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ لَا يَظْهَرُ فِيهِ الشِّعَارُ فَأَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِإِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَهِيَ أَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ إقَامَةِ جُمُعَةٍ فَهِيَ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ وَالْإِقْدَامُ عَلَى عِبَادَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ لَا يَجُوزُ وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي السِّجْنِ سَوَاءٌ أَضَاقَ الْبَلَدُ أَمْ اتَّسَعَ سَوَاءٌ أَجَوَّزْنَا جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ إذَا ضَاقَ أَمْ لَمْ نُجَوِّزْ وَلِذَلِكَ لَمْ نَسْمَعْ بِذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ.
إذَا عُرِفَ هَذَا فَأَهْلُ السِّجْنِ يُصَلُّونَ ظُهْرًا وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَعَلَى هَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إخْفَاؤُهَا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا وَالنَّصُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِخْفَاءُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شِعَارِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ لَا تُهْمَةَ عَلَى

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 170
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست