responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 142
صِفَةً لِلْفِعْلِ فَالْأَوَّلُ شَرْطٌ وَالثَّانِي رُكْنٌ وَلَا نَعْتَقِدُ أَنَّ النَّاوِيَ يَقْصِدُ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ الْفِعْلَ بِوَصْفِ كَوْنِهِ مَطْلُوبًا لِلرَّبِّ وَذَلِكَ الْفِعْلُ يَكْتَسِبُ مِنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ صِفَةً يَنْصَبِغُ بِهَا كَمَا يَنْصَبِغُ الثَّوْبُ فَالثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ صَبْغُهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَالصِّبْغُ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْفَاعِلِ خَارِجٌ عَنْهُ وَشَرْطُهُ فِيهِ كَتِلْكَ الْعِبَادَةِ. وَتَأَمَّلْ إذَا قُلْت: قُمْت إجْلَالًا لَك كَيْفَ صَارَ الْقِيَامُ مُكْتَسِبًا صِفَةَ الْإِجْلَالِ وَلَوْلَاهَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدَ نُهُوضٍ فَيُؤْثِرُ الْقِيَامَ وَيَقُومُ بِالْإِجْلَالِ وَأَشْبَهَ نَثْرِيَّةَ الرُّوحِ وَالْبَدَنِ فَالْقِيَامُ هُوَ الْبَدَنُ وَالْإِجْلَالُ هُوَ الرُّوحُ وَالْقَصْدُ فِي مَا كَنَفْخِ الرُّوحِ فِي الْبَدَنِ وَمِنْ تَأَمَّلْ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُخَالِجْهُ شَكٌّ فِي أَنَّهَا رُكْنٌ مُقَارِنَةٌ لِلْفِعْلِ مُقَوِّمَةٌ لَهُ دَاخِلَةٌ فِي مَاهِيَّةِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ مَجْمُوعُ الْفِعْلِ الْمَنْوِيِّ وَلَيْسَتْ الْمُقَارَنَةُ خَاصَّةً بِالتَّكْبِيرِ فَأُرِيدَ مِنْ مُقَارَنَةِ رُكُوبِهِ وَالْمَقَادِيرُ الْحُكْمِيَّةُ حَاصِلَةٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِيَامَ إجْلَالًا الْإِجْلَالُ مُقَارَنٌ دَائِمٌ مَعَهُ وَإِنْ وَصَفْنَاهُ بِالْخُرُوجِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ فِي التَّعَقُّلِ فَهُوَ مِنْ جِهَةٍ بِغَيْرِ جِهَةٍ وَهُوَ مَعَهُ كَالْفَاعِلِ وَالْمُنْفَعِلِ إذَا نَظَرْت إلَى الْفِعْلِ وَجَدْت لَهَا خُرُوجًا مِنْ وَجْهٍ. .

[قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الرُّكُوع والسجود]
(فَائِدَةٌ) سَأَلْت فِي يَوْمِ السَّبْتِ خَامِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ عَنْ الْعِلَّةِ فِي النَّهْيِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. فَقُلْتُ: الصَّلَاةُ تَشْتَمِلُ عَلَى التَّوَجُّهِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ لِقَوْلِ الْمُصَلِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي، ثُمَّ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَهُوَ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا وَالْقِيَامُ لَيْسَ عِبَادَةً لِمُجَرَّدِهِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ بَلْ قَصْدُ التَّوَجُّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ رَكَعَ خُضُوعًا لِلَّهِ فَالرُّكُوعُ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْرَأْ فِيهِ الْقُرْآنُ لِأَنَّ عِبَادَةً لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا عِبَادَةٌ وَالدُّعَاءُ الَّذِي فِيهِ إنَّمَا هُوَ تَحَقُّقٌ لِمَعْنَاهُ لِقَوْلِهِ: لَكَ رَكَعْت إلَى آخِرِهِ، وَالسُّجُودُ كَذَلِكَ وَهُوَ أَكْمَلُ خُضُوعًا وَالدُّعَاءُ الَّذِي فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ سَجَدَ وَجْهِي تَحَقُّقٌ لِمَعْنَاهُ. فَهَذِهِ الْعِبَادَاتُ الثَّلَاثُ الْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ هِيَ مَقَاصِدُ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ كُلُّهَا تَوَجُّهٌ مَحْضٌ فَلَمَّا فَرَغْت خَتَمْت بِالتَّشَهُّدِ فِي الْقُعُودِ الَّذِي هُوَ كَالْقِيَامِ فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعْتَادًا لَيْسَتْ هَيْئَاتُهُ مِنْ هَيْئَاتِ الْعِبَادَةِ فَجُعِلَ فِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ السَّلَامُ عَلَى عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ كَأَنَّ الْمُصَلِّيَ كَانَ مُتَجَرِّدًا عَنْ هَذَا الْعَالَمِ مُقْبِلًا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِكُلِّيَّتِهِ فَعِنْدَمَا قَارَبَ الْعَوْدَ إلَى حِسِّهِ وَإِلَى أَبْنَاءِ جِنْسِهِ سَلَّمَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ثُمَّ خَتَمَ بِالسَّلَامِ لِأَنَّ الْغَائِبَ إذَا قَدِمَ يُسَلِّمُ فَلَمَّا كَانَ غَائِبًا فِي الصَّلَاةِ وَفَرَغَ سَلَّمَ عَلَى الصَّالِحِينَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ.

(اسْتِفْتَاءُ الشَّيْخِ فَرَجٍ)
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ السَّادَةَ الْفُقَرَاءَ بَلَّغَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ أَمَانِيَهُمْ قَدْ اشْتَدَّتْ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست