responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 117
زِيَادَةٌ أُخْرَى تَظْهَرُ بِهَا مُنَاسَبَةُ كُلٍّ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ لِمَا ذُكِرَ فِيهِ فَإِنَّهُ هُنَا قَالَ {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: 28] فَنَاسَبَ الِاسْتِقْبَالَ لِأَجَلِ الْعَقِبِ وَفِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ لَهُ وَحْدَهُ فَنَاسَبَ قَوْلَهُ {فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء: 78] وَيَبْقَى قَوْلُهُ {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99] وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعَقِبِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُسْتَقْبَلٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ بِالسِّينِ تَحَقُّقُ ذَلِكَ الْفِعْلِ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَك إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: 10] قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ " إنَّمَا " لِلْحَصْرِ، لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْحَصْرِ لَمْ تَفْدِ هُنَا إلَّا مُجَرَّدَ التَّأْكِيدِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ " إنْ " الْأُولَى وَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ تَسْتَقْرِئَ هَلْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إنْ زَيْدًا إنَّهُ قَائِمٌ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَسْمُوعًا صَحَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ إفَادَتِهَا الْحَصْرَ؛ وَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا فَتَتَوَقَّفُ الدَّلَالَةُ لِأَنَّهُ يُقَالُ إنَّهَا لِلتَّأْكِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْله تَعَالَى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] بَعْدَ قَوْلِهِ {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: 27] الْآيَةُ خَطَرَ لِي فِي أَنَّهُ رَدٌّ «لِقَوْلِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ مَعَهُ فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ لَوْ نَعْلَمُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاك» كَأَنَّهُ بِلِسَانِ الْحَالِ يَقُولُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَسُولُ اللَّهِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ شَهَادَةٍ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ، وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ أَنْ يَكُونَ (رَسُولُ اللَّهِ) خَبَرًا وَلَا يَكُونُ صِفَةً وَإِنْ كَانَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْإِعْرَابَ؛ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ أَوْ مُبْتَدَأً وَمَا بَعْدَهُ عَطْفُ بَيَانٍ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى {وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا} [الجمعة: 7] وَفِي الْبَقَرَةِ {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ} [البقرة: 95] مَا نَصُّهُ: تَكَلَّمَ فِيهِ السُّهَيْلِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ " لَا " أَبْلَغُ. وَصَاحِبُ دُرَّةِ التَّنْزِيلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ " لَنْ " أَبْلَغُ. وَأَنَا أَقُولُ إنَّ " لَنْ " أَبْلَغُ فِي حَقِيقَةِ النَّفْيِ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِ أَوَّلَ زَمَانِ النَّفْيِ، وَ " لَا " أَبْلَغُ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ وَهُوَ الْمُسْتَقْبَلُ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ. وَوَرَدَ التَّأْبِيدُ فِيهِمَا، وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَالَ {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ} [البقرة: 94]
وَهَذَا الشَّرْطُ وَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ نِهَايَةُ مُرَادِ الْمُؤْمِنِ، وَجَزَاؤُهَا الْأَمْرُ بِتَمَنِّي الْمَوْتِ لِذَلِكَ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ نِهَايَةُ الْمُرَادِ قَدْ حَصَلَتْ فَلَا مَانِعَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ الْمُوصِلِ إلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ الْخَالِصَةِ الَّتِي ثَبَتَ حُصُولُهَا لَهُمْ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، فَحَسُنَ بَعْدَهُ " لَنْ " لِأَنَّهَا قَاطِعَةٌ بِالنَّفْيِ الْآنَ الْمُضَادِّ لِلشَّرْطِ الَّذِي قُدِّرَ حُصُولُهُ الْآنَ، فَالْمَقْصُودُ تَحْقِيقُ النَّفْيِ الْآنَ وَتَأْكِيدُهُ،

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست