responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 112
أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ {فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ} [ص: 39] عَطَاؤُنَا بِغَيْرِ حِسَابٍ.
(السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ) : ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: 39] وُجُوهًا: أَحَدُهَا بِلَا حِسَابٍ عَلَيْك فِي ذَلِكَ وَلَا تَبَعَةٍ. الثَّانِي بِغَيْرِ حِسَابٍ مِنَّا كَثِيرًا لَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَى حَسْبِهِ وَحَصْرِهِ. الثَّالِثُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِك. فَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِنْ الْمُحَاسَبَةِ وَالثَّالِثُ مِنْ الْحُسْبَانِ.
(السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ) : {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 40] هَذَا مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ خَتَمَ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِالْقُرْبِ عِنْدَهُ فِي الْآخِرَةِ وَحُسْنِ الْمَآبِ. اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا ذَلِكَ بِنَبِيِّك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْله تَعَالَى {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} [الزمر: 14] أَمَرَهُ بِالْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ اللَّهَ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ بِعِبَادَتِهِ مُخْلِصًا لَهُ دِينَهُ، وَأَجَادَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ ذَلِكَ لَكِنْ مِنْ تَتِمَّتِهِ أَنَّ هَذَا الِاخْتِصَاصَ لَا يَجْعَلُهُ مِثْلَ " مَا وَإِلَّا " مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، فَإِنَّك لَوْ قُلْت: لَا أَعْبُدُ إلَّا اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي إنْ قَدَّرْت " مُخْلِصًا " مَعْمُولَ " أَعْبُدُ " مُتَقَدِّمًا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ كُنْت قَدْ خَصَصْت اللَّهَ بِالْإِخْلَاصِ لَا بِأَصْلِ الْعِبَادَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ؛ بَلْ اللَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْعِبَادَةِ وَبِالْإِخْلَاصِ وَإِنْ قَدَّرْت الِاسْتِثْنَاءَ مُتَقَدِّمًا وَ " مُخْلِصًا " مَعْمُولٌ لِ أَعْبُدُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَجُزْ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ قَدَّرْت لَهُ فِعْلًا آخَرَ فَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ. وَكُلُّ ذَلِكَ إنَّمَا لَزِمَ بِالتَّصْرِيحِ بِأَدَاةِ الْحَصْرِ. أَمَّا التَّقْدِيمُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْحَصْرَ لَيْسَ مِنْ اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَحَوَى الْكَلَامِ. فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ ذَلِكَ الْحُكْمُ النَّحْوِيُّ فِي تَأَخُّرِ الْحَالِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ انْتَهَى. {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 15] .
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْمُرَادُ بِهَذَا الْأَمْرِ الْوَارِدِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْخِذْلَانِ وَالتَّخْلِيَةِ. عَلَى مَا حَقَقْت الْقَوْلَ فِيهِ مَرَّتَيْنِ، قُلْت وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَعْنًى حَسَنٌ، وَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَعْنَى التَّهْدِيدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] أَوْ هُوَ هُوَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّرَ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَتَزْدَادُ مَعَانِي صِيغَةِ " افْعَلْ " مَعْنًى آخَرَ وَكَانَ الزَّمَخْشَرِيُّ قَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ} [الزمر: 8] إنَّهُ مِنْ بَابِ الْخِذْلَانِ وَالتَّخْلِيَةِ، كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إذْ قَدْ أَبَيْت قَبُولَ مَا أُمِرْت بِهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ فَمِنْ حَقِّك أَنْ لَا تُؤْمَرَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَتُؤْمَرَ بِتَرْكِهِ مُبَالَغَةً فِي خِذْلَانِهِ وَتَخْلِيَتِهِ وَشَأْنِهِ لِأَنَّهُ لَا مُبَالَغَةَ فِي الْخِذْلَانِ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُبْعَثَ عَلَى عَكْسِ مَا أُمِرَ بِهِ وَنَظِيرُهُ فِي الْمَعْنَى قَوْلُهُ {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [آل عمران: 197] قُلْت: وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْنَى التَّهْدِيدِ،

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست