responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 101
عَمْرًا إلَّا زَيْدٌ هِيَ الضَّرْبُ لِعَمْرٍو.
وَقَالَ الْحَدِيثِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ إنَّ حُكْمَهُ بِجَوَازِ التَّقْدِيمِ إنْ أُثْبِتَ بِوُرُودِهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بِأَنْ مَا وَرَدَ فِي الِاسْتِعْمَالِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي فِيهِ مَعْمُولًا لِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ مَالِكٍ وَأُصُولُ الْأَبْوَابِ لَا تَثْبُتُ بِالْمُحْتَمَلَاتِ. وَإِنْ أَتَيْت بِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ لِنَنْظُرَ فِيهِ.
قَالَ فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَجُوزُ التَّقْدِيمُ فِي " إنَّمَا " قُلْت: لَا يَجُوزُ قَطْعًا فِي " إنَّمَا " وَإِنْ جَوَّزَ فِي " مَا وَإِلَّا " لِأَنَّ " مَا وَإِلَّا " أَصْلٌ فِي الْقَصْرِ، وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِي " مَا وَإِلَّا " غَيْرُ مُلْتَبِسٍ، كَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمِفْتَاحِ وَقَالَ الْحَدِيثِيُّ: امْتِنَاعُ التَّقْدِيمِ فِي " إنَّمَا " يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ فِي " مَا وَإِلَّا " لِيَجْرِيَ بَابُ الْحَصْرِ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: وَقَدْ تَأَمَّلْت مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ قَوْلِهِ: مَا ضَرَبَ أَحَدٌ أَحَدًا إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا. وَقَوْلُهُ: إنَّ الْحَصْرَ فِيهِمَا مَعًا وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا ضَارِبَ إلَّا زَيْدٌ وَلَا مَضْرُوبَ إلَّا عَمْرٌو فَلَمْ أَجِدْهُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ لَا ضَارِبَ إلَّا زَيْدٌ لِأَحَدٍ إلَّا عَمْرًا، فَانْتَفَتْ ضَارِبِيَّةُ غَيْرِ زَيْدٍ لِغَيْرِ عَمْرٍو، وَانْتَفَتْ مَضْرُوبِيَّةُ عَمْرٍو مِنْ غَيْرِ زَيْدٍ، وَقَدْ يَكُونُ زَيْدٌ ضَرَبَ عَمْرًا وَغَيْرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ عَمْرٌو ضَرَبَهُ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَعْنَى نَفْيَ الضَّارِبِيَّةِ مُطْلَقًا عَنْ غَيْرِ زَيْدٍ وَنَفْيَ الْمَضْرُوبِيَّةِ مُطْلَقًا عَنْ غَيْرِ عَمْرٍو وَإِذَا قُلْنَا: مَا وَقَعَ ضَرْبٌ إلَّا مِنْ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو فَهَذَانِ حَصْرَانِ مُطْلَقًا بِلَا إشْكَالٍ وَسَبَبُهُ أَنَّ النَّفْيَ وَرَدَ عَلَى الْمَصْدَرِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ شَيْءٌ خَاصٌّ.
وَهُوَ ضَرْبُ زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي يَنْتَفِي فِيهَا الِاخْتِلَافُ {إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 19] وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفْيِ الْمَصْدَرِ وَنَفْيِ الْفِعْلِ أَنَّ الْفِعْلَ مُسْنَدٌ إلَى فَاعِلٍ فَلَا يَنْتَفِي عَنْ الْمَفْعُولِ إلَّا ذَلِكَ الْمُقَيَّدُ، وَالْمَصْدَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ فَيَنْتَفِي مُطْلَقًا إلَّا الصُّورَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْهُ بِقُيُودِهَا.
وَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ أَكْرَمَكَ اللَّهُ تَذْكُرُ فِيهِ إنَّك وَقَفْت عَلَى مَا قَرَّرْته فِي إعْرَابِ قَوْله تَعَالَى {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] وَأَنَّ النُّحَاةَ اخْتَلَفُوا فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا وُقُوعُ الْحَالِ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى، نَحْوَ قَوْلِك أَكْرِمْ النَّاسَ إلَّا زَيْدًا قَائِمِينَ: وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي اعْتَرَضَ بِهَا الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ، وَهُوَ اعْتِرَاضٌ - سَاقِطٌ لِأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ وَارِدًا عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا حَالًا مُسْتَثْنَاةً فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُسْتَثْنَاةٌ فَلَمْ يَقَعْ بَعْدَ " إلَّا " حِينَئِذٍ إلَّا الْمُسْتَثْنَى فَإِنَّهُ مُفَرَّغٌ لِلْحَالِ، وَالشَّيْخُ فَهِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ غَيْرُ مُنْسَحِبٍ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] لَيْسَ مُسْتَثْنًى وَلَا صِفَةً لِلْمُسْتَثْنَى بِهِ وَلَا مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَقَدْ أَصَبْت فِيمَا قُلْت لَكِنْ لِلشَّيْخِ بَعْضُ عُذْرٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ لَمَّا قَالَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست