فالواجب على الجميع تقوى الله، وإصلاح الأخطاء والسعي فيما يجمع الكلمة، ويوحد الشمل، وإن الأمة لا نجاة لها ولا سعادة لها في الدنيا والآخرة إلا إذا لجأت لربها، وتمسكت بدينها وعقيدتها الصحيحة علما وعملا، وابتعدت عن كل ما يثير الفتنة ويسبب المشاكل، فإن التمسك بهذا الدين، والاعتصام بهذا الدين سبب الخير والصلاح واجتماع الكلمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله ... [1] » الحديث، فكتاب الله عصمة لنا من كل سوء، وعصمة لنا من كل بلاء، وفتنة، وعون لنا على أعدائنا، وسلاح ماض ضد أعدائنا.
إننا إذا تمسكنا بهذا الدين التمسك الصحيح علما وعملا، فإن الله يعلم منا ذلك، والله أكرم الأكرمين لا يغير نعمه على العباد حتى يكون العباد هم السبب في زوالها، قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [2] ، فإذا غير العباد نعمة الله بكفرها والعياذ بالله، وغيروا دين الله بالتهاون والتساهل غير الله عليهم نعمته بسلبها منهم، وإذا التجأ العباد إلى الله، ووثقوا بالله وتوكلوا عليه، وحكموا شرع الله، وأقاموا دين الله، وتآمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر فإن الله جل وعلا سينصرهم ويؤيدهم، ويسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام أمان هذه الأمة، يحفظها من كيد الكائدين، ويأخذ على أيدي المفسدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متى ما قوي جانبه، وعظم شأنه، وتفاعل في المجتمع ففيه الحماية بتوفيق من الله؛ لأن دين الله هو السبب في أمن الأمة، وسلامتها، وثباتها، وحفظها من كل سوء ومكروه.
نسأل الله الاستقامة على الهدى، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وأن يردنا إليه ردا جميلا، وأن يجعلنا وإياكم ممن عرف الحق واتبعه، وعرف الباطل فاجتنبه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، هذا والله أعلم. [1] أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218) ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه. [2] سورة الأنفال الآية 53