إن سفك دماء النفوس المعصومة كبيرة من كبائر الذنوب، وعظيمة من العظائم، وجريمة من الجرائم، لا يستحل دم امرئ مسلم إلا من فارق الإيمان والعياذ بالله، فإن المؤمن حقا يعظم دماء الأمة ويحفظها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما [1] » فلا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يسفك دما حراما.
فليتق الله أولئك المفسدون، وليتوبوا إلى الله من جرمهم، وليندموا على ما مضى، وليعزموا ألا يعودوا إلى تلك الجرائم والخطيئات، وليعلموا أن الله مجاز كلا بما عمل، وأن أول ما يقضى به بين العباد من حقوقهم الدماء يوم القيامة، أول ما ينظر في قضاياهم يوم القيامة الدماء، فحافظوا - رحمكم الله - على أرواح أمتكم، وصونوا بلادكم، واحذروا من أولئك المفسدين، وإياكم أن تكونوا أعوانا لهم، أو متعاطفين معهم، أو مسوغين لهم فعلهم، أو متأولين لباطلهم، فإن أمرهم واضح جلي لا يرتاب فيه مسلم، وإن سعيهم إفساد وفساد، وانحراف عن الطريق المستقيم، وليس لهم أي مبرر ولا تأويل، ولكنه الخطأ الواضح، والجرم الكبير.
عباد الله. . . . إن تقوى الله سبحانه هي صمام الأمان، والحصن الحصين من الوقوع في هذه الضلالات، والمخرج من هذه الفتن، والجالبة للأمن في الأوطان الذي يتحقق به السعادة، والطمأنينة، والراحة النفسية لجميع أفراد المجتمع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها [2] » [1] أخرجه البخاري في الديات (6862) ، وأحمد في المكثرين (5423) عن ابن عمر رضي الله عنهما. [2] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (300) ، والترمذي في الزهد: باب: التوكل على الله (2346) ، وابن ماجه في الزهد، باب: القناعة (4141) ، والحميدي في مسنده (439) من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه، قال الترمذي: '' حديث حسن غريب ''. وله شواهد من حديث أبي الدرداء، وابن عمر، وعلي رضي الله عنهم، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2318) .