قال ابن حجر - رحمه الله - لما ساق الحديث وشرحه: وفي حديث الباب من الفوائد - غير ما تقدم - ندب قيام الليل ولا سيما في رمضان جماعة؛ لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بن كعب رضي الله عنه. انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
فأصل صلاة التراويح في جماعة ثابت من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه عليه الصلاة والسلام لم يواظب عليها خشية أن تفرض على الأمة، فلما توفي - صلى الله عليه وسلم - وانقطع الوحي وأمنت خشية فرضية صلاة الليل في جماعة، جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجمع الناس عليها، وجعل إمامهم أبي بن كعب رضي الله عنه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما قيام رمضان فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنه لأمته وصلى بهم جماعة عدة ليال وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى، لكن لم يداوموا على جماعة واحدة لئلا تفرض عليهم، فلما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - استقرت الشريعة، فلما كان عمر رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد وهو أبي بن كعب الذي جمع الناس عليها بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه) ا. هـ.
وقال أيضا رحمه الله: (وقيام رمضان قد سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن الله قد فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه [1] » وكانوا على عهده - صلى الله عليه وسلم - يصلون أوزاعا متفرقين يصلي الرجل وحده، ويصلي الرجل ومعه جماعة، وقد صلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة مرة بعد مرة وقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة [2] » لكن لم يداوم على الجماعة كالصلوات الخمس؛ خشية أن يفرض عليهم، فلما مات أمنوا زيادة الفرض فجمعهم عمر على أبي بن كعب) ا. هـ
وبهذا يتبين أن دعوى الاتفاق المذكورة في صدر المقال غير صحيحة. [1] النسائي الصيام (2210) ، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1328) . [2] الترمذي الصوم (806) ، النسائي السهو (1364) ، أبو داود الصلاة (1375) ، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1327) ، أحمد (5/160) .