وبعد التأمل والنظر يترجح القول بأن الماء المستعمل في طهارة الحدث طهور مطهر؛ لسلامة بعض ما استدل به أصحاب هذا القول من المناقشة، كحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الماء لا يجنب [1] » ، ولما استدلوا به من النظر من أدلة قوية لا تقاومها أدلة القول الثاني التي قد نوقشت جميعها ورد الاستدلال بها، ولهذا قال المرداوي في الإنصاف عن هذا القول: " وهو أقوى في النظر "، مع أن أكثر الأصحاب على أنه طاهر غير مطهر، والحق أحق أن يتبع والله أعلم، هذا وإن لأصحاب القول الأول أدلة من السنة تركنا إيرادها إيثارا للاختصار، واكتفاء بما صح من أدلتهم أثرا ونظرا عما كان ضعيفا في النقل. والله المسئول أن يوفقنا ويرزقنا الفقه في الدين واتباع سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ومعلوم أن للبحث بقية يسر الله إيرادها فيما يقبل من أعداد هذه المجلة المباركة وإني في ختام هذه الكلمة لأدعو الله العلي القدير أن يفقهنا جميعا في دينه وأن يرزقنا الالتزام بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، كما أسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ويلهمهم رشدهم ويردنا إليه ردا جميلا، ويوفق ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين. [1] سنن الترمذي الطهارة (65) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (370) .