وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} 1
الآية. ويدخل في هذا كل شيء من المصائب والجزاء، حتى الشرك، والهم والحزن؛ لكن المؤمن يثاب على ذلك، ويكفر عنه بإيمانه كما دل على ذلك الحديث.
إذا عرف هذا، فكثير من الناس يعرف أن المصائب والابتلاء حصل بسبب الذنوب، ويقصد الخروج منها والتوبة، ولا يوفق - نعوذ بالله من ذلك -، وذلك لأسباب: منها: جهله بالذنوب، ومراتبها، وحالها عند الله. ومنها: جهله بالطريق التي تخلصه منها، وتنقذه من شؤمها وشرها وتبعتها. ولا سبيل لأحد إلى معرفة ذلك، وما يخلص منه إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما جاء به من الهدى ودين الحق إجمالا وتفصيلا؛ فإنه الواسطة بين العباد وبين ربهم في إبلاغ ما يحبه الرب ويرضاه، ويريده من عباده، ويوجب السعادة والنعيم والفلاح في الدنيا والآخرة، وفي إبلاغ ما يضرهم ويسخط ربهم، ويوجب الشقاوة، والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة. فكل طريق غير طريقه مسدود على سالكيه، وكل عمل ليس عليه رسمه وتقريره، فهو رد على عامليه.
وقد عرفتم -أرشدكم الله تعالى- أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، وأهل الأرض قد عمتهم الجهالة، وغلبت عليهم الضلالة، عربيهم وعجميهم، إلا من شاء الله من بقايا أهل الكتاب.
فأول دعوته-صلى الله عليه وسلم- ورسالته، وقاعدة قبوله: رد الخلق إلى الله، وأمرهم بعبادته وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الأنداد والآلهة، والبراءة منهم؛ وهذا هو الذي دلت عليه كلمة الإخلاص، وهو أول دعوة الرسل، وأول الواجبات والفرائض.
ومكث -عليه الصلاة والسلام-
1 سورة النساء آية: 123.